ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[17 - 03 - 06, 03:14 م]ـ
أخي العزيز الحبيب (أبا عبد المعز)
طال شوقي إلى مشاركاتك ودراساتك النافعة، ومنها (موسوعة الممنوع في النحو)
فلماذا توقفت - بارك الله فيك؟!
وأما ما ذكرته من تشقيقات السيوطي وتقسيماته، فلا أراك تظنه قد سَبَقَ إلى أمثال هذه الاصطلاحات (فصيح - أفصح - ضعيف - شاذ - متروك - منكر ... إلخ)
فهذه الاصطلاحات وغيرها معروفة عند أهل اللغة من قديم، ولكنه رتبها ووضعها - كما تفضلتَ - على أشباه علوم المصطلح، فليس له في كتابه إلا الجمع والترتيب، كما ذكر في مقدمته.
ولا أعلم عن كتاب السيوطي إلا أنه عُمدة الباحثين منذُ أن وضعه مصنفه حتى الآن في كثير من المباحث والأصول اللغوية التي كثرت الدراسات والرسائل عنها حديثا، فهو كتاب فَذّ لم يصنف مثله قبله ولا بعده فيما علمتُ، ولم أسمع عن أحد عاب عليه ما تفضلتَ بذكره، والله أعلم.
وأما ما ذكرتَ من قوله عن كتاب سيبويه، ففيه نظر من وجهين:
الأول: أنه لا يلزمُ من عبارته الترادفُ؛ لأنه يمكن أن يحمل على تعدد الوصف، أعني أنه وصف ما وضعه سيبويه في كتابه بوصفين: الأول أنه مشهور، والثاني أنه لا يشك في صحته، ولا يلزمه أن يكون معنى كلامه الترادف بينهما؛ لأن التأسيس أولى من التوكيد كما هو معلوم.
الثاني: أنه لا يلزمه أيضا أن يسير على تعاريف مصطلح الحديث؛ لأنه إنما وضع الأبواب والتقاسيم فقط على غرار علم الحديث، وليس يلزم من ذلك أن يستوي تعريف المصطلحات في العلمين، ولذلك فإنه ذكر تعريف جميع ما ذكره من مصطلحات، فلو كانت التعاريف متطابقة في العلمين ما احتاج أن ينصَّ على معناه من كلام أهل العلم باللغة.
وكلامك أيضا فيه تناقض بين أوله وآخره، فقد قلت: (ولعله يذهب إلى أن المشهور مرادف للصحيح ... فلو صح ذلك للزمه أن لا يقول بالترادف .. )
فكيف يذهب إلى ترادفهما ثم يلزمه أن لا يقول بالترادف؟
(عودا على بدء)
ثم أقول جوابا عن سؤال أخينا الكريم (طلال العولقي):
لعله اشتبه عليك الأمر في ضبط الآية يا أخي الفاضل، فالإشكال إنما هو على قراءة (إنّ) المشددة، أما قراءة حفص المشهورة (إنْ هذان لساحران) بسكون النون، فلا إشكال فيها، وكذلك قراءة أبي عمرو (إنَّ هذين لساحران) لا إشكال فيها أيضا، ولا أعلم في الآية قراءة (إنْ هذين لساحران) بسكون النون كما ذكرتَ، وإنما الإشكال في قراءة (إنَّ هذان لساحران) وهي قراءة الجمهور من القراء السبعة.
وقد سبق في الجواب الذي نقله أخونا رمضان بعض الأوجه في إعراب الآية على هذه القراءة، ولكن يبقى الإشكال الذي ذكره أخونا طلال، وهو أن هذه اللغة غير مشهورة عند العرب، فكيف جاءت في أشهر القراءات، وهذا الإشكال جعلَ شيخَ الإسلام ابن تيمية يرجح أن كلام النحويين في هذه المسألة ليس بسديد من ناحية التعميم، وأن الصواب أن يفرَّق بين أسماء الإشارة وغيرها، وزعم أن الأفصح في أسماء الإشارة أن تكون مبنية فيقال (جاء هذان ورأيت هذان ومررت بهذان)، وزعم أنه لم يرد عن العرب في مشهور كلامهم خلافُه، وكلامه فيه وجاهة، ولكني لم أقف عليه لأحد غيره رحمه الله.
وأما قوله تعالى {وأسروا النجوى الذين ظلموا}، فقد جعلها بعضُ النحويين من لغة (أكلوني البراغيث)، وكذلك قوله تعالى {ثم عموا وصموا كثير منهم}، وأبى ذلك البصريون وخرجوهما تخريجات أخرى.
قال ابن مالك في (شرح الكافية الشافية 1/ 157):
((لا يمتنع تقديم الخبر إذا كان فعلا وفاعلا بارزا، نحو: أجادوا الحمس، فالحمسُ مبتدأ وأجادوا خبر مقدم، وعلى هذا حمل في بعض الوجوه قوله تعالى: {وأسروا النجوى الذين ظلموا})) انتهى.
ولكن يجب أن نفرق بين هذه الآية وآية {إن هذان لساحران}، فإن لغة (أكلوني البراغيث) - أو كما يسميها ابن مالك (يتعاقبون فيكم ملائكة) - مشهورة وردت في كثير من الأحاديث، وقد تكلم عليها النووي في كثير من المواضع في صحيح مسلم.
والله تعالى أعلى وأعلم، ومنه الهداية وعليه التكلان
ـ[طلال العولقي]ــــــــ[25 - 03 - 06, 06:16 م]ـ
الأخوة الأفاضل
جزاكم الله خيراً على هذه الإفادات
بارك الله في أوقاتكم