تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالجواب أن المراد فاقطعوا أيمانهما. وكذلك هي في مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. فلما علم بالدليل الشرعي أن القطع محله اليمين وليس في الجسد إلا يمينٌ واحدة، جرت مجرى آحاد الجسد، فجمعت كما جمع الوجه، والظهر، والبطن.

الثاني من الوجوه الثلاثة: الإفراد.

ولم يذكره سيبويه هذه المسألة، وذلك نحو قولك: ما أحسن رأسهما، وضربت ظهر الزيدين، وذلك لوضوح المعنى، إذ لكل واحد شيءٌ واحد من هذا النوع، فلا يشكل، فأتي بلفظ الإفراد إذ كان أخف.

قال الفراء في تفسير تلك الآية: وقد يجوز أن تقول في الكلام: السارق والسارقة فاقطعوا يمينهما، لأن المعنى اليمين من كل واحدٍ منهما، كما قال الشاعر:

كلوا في نصف بطنكم تعيشوا .............. فإن زمانكم زمنٌ خميص

وقال الآخر:

الواردون وتيمٌ في ذرا سبأٍ .............. قد عض أعناقهم جلد الجواميس

من قال: ذرا بالضم جعل سبأ جبلاً، ومن قال: ذرا بالفتح أراد موضعًا. ويجوز في الكلام أن تقول: ائتني برأس شاتين، ورأسي شاة. فإذا قلت: رأسي شاة فإنما أردت رأس هذا الجنس. وإذا قلت: برأس شاتين فإنك تريد به الرأس من كل شاة.

قال الشاعر في ذلك:

كأنه وجه تركيين قد غضبا .............. مستهدفٌ لطعانٍ غير تذبيب

وقوله: "رأسي شاة" هذه مسألة زائدة على ما ذكروا في هذا الباب، استفيد جوازها منه.

قال ابن خلف: وقرأ بعض القراء: "فبدت لهما سوءتهما" بالإفراد. والعجب من ابن الشجري في حمله الإفراد على ضرورة الشعر، فإنه لم يقل أحدٌ إنه من قبيل الضرورة. قال: ولا يكادون يستعملون هذا إلا في الشعر. وأنشدوا شاهداً عليه:

كأنه وجه تركيين قد غضبا. . . . . . . . . . . . . البيت

وقال في آخره: ذب فلانٌ عن فلان: دفع عنه. وذبب في الطعن والدفع، إذا لم يبالغ فيهما.

وتبعه ابن عصفور في كتاب ضرائر الشعر، والصحيح أنه غير مختص بالشعر.

الثالث: التثنية؛

وهذا على الأصل وظاهر اللفظ. قال سيبويه: وقد يثنون ما يكون بعضًا لشيء؛ زعم يونس أن رؤبة كان يقول: ما أحسن رأسيهما، وقال الراجز:

ظهراهما مثل ظهور الترسين

قال الفراء في تفسير تلك الآية: وقد يجوز تثنيتهما. قال أبو ذوئب الشاعر:

فتخالسا نفسيهما بنوافذٍ .............. كنوافذ العبط التي لا ترقع

وقال ابن الشجري: ومن العرب من يعطي هذا حقه كله من التثنية، فيقولون: ضربت رأسيهما، وشققت بطنيهما، وعرفت ظهريكما، وحيا الله وجهيكما. فمما ورد بهذه اللغة قول الفرزدق:

بما في فؤادينا من الشوق والهوى

وقول أبي ذؤيب:

فتخالسا نفسيهما بنوافذٍ. . . . . . . . . . . . . . البيت

أراد: بطعناتٍ نوافذ كنوافذ العبط: جمع العبيط، وهو البعير الذي ينحر لغير داء.

والجمع في هذا الباب هو الجيد المختار، وبه نزل القرآن العظيم.)) انتهى.

قلت: وقد وقع شيء من ذلك للمتنبي في قوله يصف ناقته:

وتكرمت ركباتها عن مبركٍ .............. تقعان فيه وليس مسكاً أذفرا

قال الواحدي شارح ديوانه:

((والركبات جمع ركبة، وهذا جمع أريد به الاثنان كقوله تعالى: {فقد صغت قلوبكما} وكقول الشاعر:

ظهراهما مثل ظهور الترسين

وهو كثير، وذلك أن أول الجمع اثنان، فجاز أن يعبر عنهما بلفظ الجمع لما كانا جمعا، فيدل على أنه أراد بلفظ الجمع الاثنين أنه لما أخبر كما يخبر عن الاثنين بقوله تقعان)).

وقد انتقد ابن الأثير في المثل السائر هذا على المتنبي [وعنه القلقشندي في صبح الأعشى] فقال:

((وهذا من أظهر ظواهر النحو وقد خفي على مثل المتنبي))!

قلت: ومما ورد من ذلك في القرآن الكريم:

= {تجري بأعيننا}

= {هذان خصمان اختصموا في ربهم}

= {إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان}

= {ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين}

= {فإذا هم فريقان يختصمون}

والله تعالى أعلى وأعلم.

أخوكم ومحبكم/ أبو مالك العوضي

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - 11 - 06, 08:29 ص]ـ

وينظر هذا الرابط:

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=81299

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[25 - 02 - 07, 11:23 ص]ـ

ومن هذا الباب أيضا قوله تعالى:

{وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين}

فقال (لحكمهم) وهما اثنان.

ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[25 - 02 - 07, 03:02 م]ـ

جزاك الله خيرا شيخنا الكريم

ـ[عدنان الاسعد]ــــــــ[17 - 08 - 07, 08:37 م]ـ

جزاكم الله خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير