[سؤال حول دخول لا الناهية على الفعل المسند للمتكلم]
ـ[أبو العباس الحضرمي]ــــــــ[01 - 12 - 06, 01:49 م]ـ
ما رأيكم في استشهاد ابن هشام رحمه الله تعالى بهذين البيتين على جواز دخول لا الناهية على المسند إلى متكلم؟
البيت الأول:
لا أعرفَنْ ربربا حورا مدامعها مرَُدّفاتٍ على أعجاز أكوارِ) اهـ
البيت الثاني:
إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعدْ لها أبدا ما دام فيها الجُراضِمُ) اهـ
؟
ألا يحتمل أن تكون لا نافية وإذن لا يصح الاستشهاد بالبيتين؟
وإذا كان ما أوردته صحيحا فهل لنا أن نستدل على جواز دخول الناهية على المسند إلى متكلم قياسا على جواز الأمر المسند إلى متكلم كما في قوله تعالى (وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (قوموا فلأصل لكم)؟
أرجو أن يكون السؤال واضحا وجزاكم الله خيرا
ـ[حسيب]ــــــــ[01 - 12 - 06, 03:03 م]ـ
السلام عليكم
أخي الفاضل حفظك الله
ما قاله ابن هشام رحمه الله تعالى هو الصواب إن شاء الله أما الشاهد الأول فهو للنابغة الذبياني وروايته في جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي على النحو التالي مع أبيات قبله وبعده:
..................................... ... ..................................
لَقَدْ نَهَيْتُ بَني ذُبْيَانَ عَنْ أُقُرٍ، ... وَعَنْ تَرُبُّعِهِمْ في كلِّ أَصْفَارِ
فَقُلْتُ: يَا قَوْمُ إنَّ اللَّيْثَ مُنْقَبِضٌ ... على بَراثِنِهِ لِوَثْبَةِ الضَّارِي
لاَ أَعْرِفَنْ رَبْرَباً حُوراً مَدَامِعُهَا، ... كَأَنَّهُنَّ نِعاجٌ حَوْلَ دَوَّارِ
يَنْظُرْنَ شَزْراً إلى مَنْ جَاءَ عَنْ عُرُضٍ، ... بِأَوْجُهٍ مُنْكِراتِ الرِّقِّ أَحْرَارِ
خَلْفَ العَضارِيْطِ لا يُوقَيْنَ فَاحِشَةً ... مُسْتَمسِكَاتٍ بِأَقْتَابٍ وَأَكْوَارِ
يُذْرِينَ دَمْعَاً على الأَشْفَارِ مُنْحَدِراً، ... يَأْمُلْنَ رِحْلَةَ حِصْنٍ وابنِ سَيَّارِ
إمَّا عُصِيتُ، فإنِّي غَيْرُ مُنْفَلِتٍ ... مِنِّي اللِّصابُ، فَجَنْبَا حَرَّةِ النَّارِ
..................................... ... ..................................
فأنت ترى أن السياق يدل بوضوح على أن المراد هنا الإنشاء لا الإخبار فهو الطلب إذن لأن معنى (لا أعرفن) لا تجعلوني أشاهد النساء المشبهات قطيع الظباء تذرفن الدموع على قتلاهن بسبب إهمالكم لتحذيري وقلة اكتراثكم ...
أما قوله:
إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعدْ لها ... أبدا ما دام فيها الجُراضِمُ
فالجزم قرينة واضحة على كون لا ناهية ولا جازم في الكلام المتقدم إلا لا الناهية هذه والسياق يعين على فهم النهي أيضا والله أعلم
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[01 - 12 - 06, 03:49 م]ـ
ما ذكرته من القياس، هو ما يسمى قياس النقيض، أو حمل الضد على الضد، وقد استعمله أهل العلم، والصواب أنه يستأنس به ولا يكون حجة بانفراده
وقد ذكره السيوطي في الاقتراح في النوع الرابع من أنواع القياس.
والله أعلم
ـ[الدكتور محمد بن عبدالله العزام]ــــــــ[02 - 12 - 06, 04:09 م]ـ
أما في البيت الثاني (إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعدْ)، فواضح أن لا نافية، وأن الجزم لضرورة الشعر، وليس في الكلام معنى النهي أصلاً. وإنما استشهد به الشارح لظهور الجزم على المضارع، ليصل من مجموع الشاهدين إلى لا تجزم المضارع المسند إلى ضمير المتكلم.
وأما في البيت الأول فهي ناهية بلا شكّ، ليس لأن الشاعر يقول (لَقَدْ نَهَيْتُ بَني ذُبْيَانَ)، بل لأنه عبَّر عن نهيه لقومه بنهيه لنفسه عن المعرفة، مع أنه لم يُرد نهي نفسه في حقيقة الأمر. ومثله أن تقول لأبنائك (لا أجدْ أحداً منكم فاتته الصلاة)، فأنت لا تنهى نفسك عن شيء، بل تأمر أبنائك في صورة النهي لنفسك.
والنحو صناعة لفظية، فاللفظ لفظ نهي، فيأخذ أحكام النهي.
ـ[حسيب]ــــــــ[02 - 12 - 06, 11:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أستاذنا الدكتور محمد بن عبدالله العزام حفظه الله تعالى ...
ألا تلاحظ معي أن دخول الفاء على لا الواقعة في جواب الشرط دليل إضافي يدل على كونها ناهية فالسياق والجزم ودخول الفاء ثلاثة أدلة كافية على كونها ناهية وعلى صحة استشهاد العلامة ابن هشام رحمه الله على دخول لا الناهية على المسند للمتكلم.
والله أعلم
ـ[أبو العباس الحضرمي]ــــــــ[03 - 12 - 06, 12:07 م]ـ
أسأل الله أن يوفق الذين شاركوني في هذا الموضوع
وإليكم خلاصة ما فهمت من كلامكم وفقم الله وأرجو منكم النصح والتوجيه:
البيت الأول: (لا أعرفن ربربا حورا مدامعها)
السياق هو الذي دلنا على أن قوله (لا أعرفن) نهي.
وأما البيت الثاني: (إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد)
فالسياق و ودخول الفاء يدلان على ذلك؛ لأنه لو لم يكن قوله (لا نعد) طلبا لما كان لدخول الفاء معنى!
ومنه يتضح أن الاستدلال بالشاهدين على المراد استدلال صحيح.
وأما القول بأن الجزم دليل على أنها ناهية! فهو محل إشكال
لأن الجزم هو ثمرة كونها جازمة!
ونحن نريد أن نثبت أنها جازمة فهل نقول (هي جازمة لأنها جازمة)؟!
هذا خطأ ولا شك!
لأن قوله (فلا نعد) يحتمل أن يكون الفعل مجزوما بلا الناهية
ويحتمل أن تكون لا نافية، والأصل (لا نعود) ولكن لما سكن آخر البيت للوزن، التقى ساكنان (الدال والواو) فحذفت الواو وقيل (لا نعد)
وأكرر شكري لكم وجزاكم الله خيرا
¥