هذا وذكر الفاكهى في أخبار مكة،وقال:حدثنى أبو سعيد عبد اللّه بن شبيب، قال حدثني ابن عائشة،قال:أخبرني أبى،قال:دخل الفرزدق مكة،فإذا هو بعلىّ بن عبيد اللّه بن جعفر يطوف بالكعبة في حلّةٍ وهو محرم،فقال:ويحكم يا معشر أهل مكة،من هذا الرجل الذي يطوف بالبيت،فو اللّه ما رأيت أحسن من وجهه، ولا من حلّته،فقالوا:هذا على بن عبيد اللّه بن جعفر بن أبى طالب،ولفاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأنشأ يقول هذه الأبيات التي ينشدها الناس.
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحلّ والحرم
فذكر هذه الأبيات ولم يتمهّا،قال الفاكهىّ:ويقال إن الرجل الذي قال فيه الفرزدق هذا هو محمد بن علىّ بن حسين،قال:وحدثني أبو سعيد،قال:حدثني الزبير،قال:قيل هذا الشعر فى قثم بن العباس،قاله: بعض شعراء أهل المدينة، وزاد في الشعر بيتين أو ثلاث منها قوله:
؟ كم صارخٍ بك مكروبٍ وصارخةٍ ... يدعوك يا قثم الخيرات يا قثم
وأما قوله في الخبر الأول: ولفاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم، فإن علىّ بن عبد اللّه أمه زينب علىّ بن أبي طالب، وأمّها فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقول من قال: إن هذا الشّعر قيل في علىّ بن عبيد اللّه بن جعفر، أو في محمد بن علي بن حسين أصح عندي من قول من قال: إنه في علىّ بن حسين، لأن على بن حسين توفي سنة ثلاث أو أربع وتسعين، وهشام بن عبد الملك إنما ولى الخلافة سنة خمس ومائة، وعاش خليفةً عشرين سنة، وجائز أن يكون الشعر للحر بن عبد اللّه في محمد بن علي بن حسين، وممكن أن يكون للفرزدق في محمد ابن علي بن حسين بن أبي جعفر - وإن كان له في أبيه علي بن حسين - فلم يكن هشام يومئذ خليفةً كما قال أبو علي في روايته، وأما قول الزبير: إنه قيل في قثم ابن عباس، فليس بشئ، وإنما ذاك شعر قيل في قثم على قافية هذا الشعر وعروضه ليس هو هذا.
وفي محاضرات الأدباء - (ج 1 / ص 136)
وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما يطوف بالبيت، فرآه يزيد فقال: من هذا؟ فقال له الحارث ابن الليث:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم
وقال في المحاسن والمساوئ - (ج 1 / ص 103)
وحدثنا المدائني عن كيسان عن الهيثم قال: حج عبد الملك بن مروان ومعه الفرزدق، فبينا هو قاعد بمكة في الحجر إذ مر به علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وعليه مطرف خزّ، فقال عبد الملك: من هذا يا فرزدق؟ فأنشأ يقول:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحلُّ والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم
قال: فلما فرغ من شعره قال لهم عبد الملك: أورافضيّ أنت يا فرزدق؟ فقال: إن كان حبّ أهل البيت رفضاً فنعم، فحرمه عبد الملك جائزته، فتحمّل عليه بأهل بيته فأبى أن يعطيه، فقال له عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: ما كنت تؤمل أن يعطيك؟ قال: ألف دينار في كل سنة، قال: فكم تؤمل أن تعيش؟ قال: أربعين سنة؟ قال: يا غلام علي بالوكيل، فدعاه إليه، وقال: اعط الفرزدق أربعين ألف.
وفي المؤتلف والمختلف لابن القيسراني - (ج 1 / ص 75)
ومنهم كثير بن كثير السهمي أنشد له دعبل بن علي في كتابه في محمد بن علي بن الحسين بن علي رضوان الله عليهم:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحلّ والحرم
هذا ابن خير عباد اللّه كلهم ... هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم
ومما يدل على وضعها أو تلفيقها على الأقل أنه جاء في بعض أبياتها
هذا ابنُ فاطمةَ الغراءَ ويحكمُ ... وابنُ الوصيّ الذي في سيفهِ النقمُ
كما في منتهى الطلب من أشعار العرب - (ج 1 / ص 236)
ومثل هذا الأبيات هي التي قصدها ابن عبدالبر بقوله في بهجة المجالس وأنس المجالس - (ج 1 / ص 112)
وفيها أبيات لم أذكرها لأني أظنها مضافة مفتعلة.
ويظهر لي أن المروج لها هو أبوالفرج صاحب كتاب الأغاني وقد أوردها مسندة وحسبك أنه في إسنادها وفيه أيضا ذاك الغلابي قال في الأغاني - (ج 4 / ص 232)
وأما الأ بيات التي مدح بها الفرزدق علي بن الحسين وخبره فيها، فحدثني بها أحمد بن محمد بن الجعد، ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا ابن عائشة قال: حج هشام بن عبد الملك في خلافة الولي أخيه، ومعه رؤساء أهل الشام، فجهد أن يستلم الحجر فلم يقدر من ازدحام الناس، فنصب له منبر فجلس عليه ينظر إلى الناس، وأقبل علي بن الحسين وهو احسن الناس وجهاً، وأنظفهم ثوباً، وأطيبهم رائحة، فطاف بالبيت، فلما بلغ الحجر الأسود تنحى الناس كلهم وأخلوا له الحجر ليستلمه، هيبة وإجلالاً له، فغاظ ذلك هشاماً وبلغ منه، فقال رجل لهشام: من هذا أصلح الله الأمير؟ قال: لا أعرفه، وكان به عارفاً، ولكنه خاف أن يرغب فيه أهل الشام ويسمعوا منه. فقال الفرزدق وكان لذلك كله حاضراً: أنا أعرفه، فسلني يا شامي. قال: ومن هو؟ قال:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم ... هذا التقي النقي الطاهر العلم.
وإليك كلام أهل العلم في أبي الفرج.
قال الذهبي في تاريخ الإسلام - (ج 6 / ص 172)
قلت: رأيت شيخنا ابن تيمية يضعفه ويتّهمه في نقله ويستهول ما يأتي به.
وفي تاريخ بغداد - (ج 5 / ص 201)
حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن القاسم بن طباطبا العلوي قال: سمعت أبا محمد الحسن ابن الحسين النوبختي يقول: كان أبو الفرج الأصبهاني أكذب الناس كان يدخل سوق الوراقين وهي عامرة والدكاكين مملوءة بالكتب فيشتري شيئاً كثيراً من الصحف ويحملها إلى بيته ثم تكون رواياته كلها منها. وفي البداية والنهاية - (ج 11 / ص 298)
قال ابن الجوزي: ومثله لا يوثق به، فإنه يصرح في كتبه بما يوجب العشق ويهون شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه، ومن تأمل كتاب الاغاني رأى فيه كل قبيح ومنكر.
والدافع له في هذا هو تشيعه قال في لسان الميزان - (ج 2 / ص 200)
شيعي وهذا نادر في أموي.
هذا ماظهر لي وعذرا إن كان ثمة قصور.
¥