تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما سفيان الثورى المتوفى فى 161هـ وكان سيد العلماء فى زمانه، فقد ابتكر طريقة خاصة للخلاص من كتبه، فمزقها وطيرها مع الريح وهو يردد: «ليت يدى قُطعت من هنا ولم أكتب حرفًا». وأما المبشر بن فاتك وكان من وجهاء وأمراء مصر وأفاضل علمائها، فقد أتلفت غيرة نسائه كتبه، إذ ما أن مات حتى دخلت واحدة من زوجاته إلى خزائن كتبه ومعها جواريها يندبنه ويلقين بكتبه فى بركة ماء كبيرة وسط الدار غيظًا منها لأن هذه الكتب هى التى شغلته عنها، ولعل هذا هو السبب ـ كما يقول المؤلف ـ فى أن كثيرًا من كتب المبشر التى مازالت موجودة ليست فى حالة جيدة. وقد أتلف الربعى وكان من أئمة النحاة كتابه «شرح سيبويه» حين نازعه ابن أحد التجار فى مسألة فقام مغضبًا وأمسك بالكتاب وأغرقه بالماء ثم أخذ يلطم به الجدران وهو يردد: لا أجعل أولاد البقالين نحاة. غير أن حرق الكتب تعددت أسبابه فمنها ما هو شرعى استنادًا إلى أمر للرسول الكريم بأن من كتب شيئًا غير القرآن فليمحه، فكان الولاة يحرقون الكتب لهذا السبب، كما كانت الكتب تُحرق لأسباب علمية حين يتأكد العلماء أن ما ينطوى عليه الكتاب من تحريف وبهتان كثير فيجتهدون للخلاص منه، أما الحرق لأسباب سياسية فقد تولاها السلاطين وأشهرها حادثة وقعت عام 82هـ بالمدينة المنورة، حيث أمر عبدالملك بن مروان بحرق كتب تحتوى على فضائل الأنصار وأهل المدينة، وكان يقول لأهل الشام بغير ذلك، كما أن القبائل كانت تتبع الكتب التى تتناول نقائصها فتحرقها أو تدفنها أو تلقيها فى البحر، وحين اشتدت النعرة بين المذاهب كان أصحاب المذهب يتخلصون مما يصادفهم من كتب المذهب المناوئ فى ظنهم. هكذا تعددت أساليب التخلص من الكتب بين حرق ودفن وإغراق وتقطيع، وتنوعت الأسباب بين سياسية ونفسية وقبلية ومذهبية وشرعية وعلمية، ولكن المحصلة هى ضياع كثير من تراث العربية.

ـ[عبد]ــــــــ[31 - 01 - 06, 10:32 ص]ـ

وفي الفترات المبكرة من الإسلام استثني القرآن الكريم فدون مصحف عثمان وأتلف ماعداه من المصاحف.

ويكاد يكون السبب الشرعي من أهم الأسباب بل يكاد يكون السبب الرئيس في ظاهرة إتلاف الكتب في تراثنا الإسلامي والعربي.

وفي التمهيد يورد بعض النصوص التي تأمر بعدم كتابة غير القرآن الكريم كما في وصية رسول الله لأصحابه، ثم أذن في كتابة سنته ولم يأذن في غير ذلك

أيضاً للفائدة:

وفي حديث عبدالله بن عمرو {من اقتراب (و في رواية: أشراط) الساعة أن ترفع الأشرار و توضع الأخيار، و يفتح القول، و يخزن العمل، و يقرأ بالقوم المثناة، ليس فيهم أحد ينكرها قيل: و ما المثناة؟ قال: ما استكتب سوى كتاب الله عز و جل}

والحديث في السلسلة الصحيحة

وعند الدارمي عن أخبرنا الوليد بن هشام حدثنا الحارث بن يزيد الحمصي عن عمرو بن قيس قال: وفدت مع أبي إلى يزيد بن معاوية بحوارين حين توفي معاوية نعزيه ونهنيه بالخلافة فإذا رجل في مسجدها يقول ألا إن من أشراط الساعة أن ترفع الأشرار وتوضع الأخيار ألا إن من أشراط الساعة أن يظهر القول ويخزن العمل ألا إن من أشراط الساعة أن تتلى المثناة فلا يوجد من يغيرها قيل له وما المثناة قال ما استكتب من كتاب غير القرآن فعليكم بالقرآن فبه هديتم وبه تجزون وعنه تسألون فلم أدر من الرجل فحدثت بذا الحديث بعد ذلك بحمص فقال لي رجل من القوم أو ما تعرفه قلت لا قال ذلك عبد الله بن عمرو.

وعند أحمد من حديث أبي هريرة قال {كنا قعودا نكتب ما نسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فخرج علينا فقال ما هذا تكتبون فقلنا ما نسمع منك فقال أكتاب مع كتاب الله فقلنا ما نسمع فقال اكتبوا كتاب الله أمحضوا كتاب الله أكتاب غير كتاب الله أمحضوا كتاب الله أو خلصوه قال فجمعنا ما كتبنا في صعيد واحد ثم أحرقناه بالنار قلنا أي رسول الله أنتحدث عنك قال نعم تحدثوا عني ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار قال فقلنا يا رسول الله أنتحدث عن بني إسرائيل قال نعم تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج فإنكم لا تحدثوا عنهم بشيء إلا وقد كان فيهم أعجب منه}

قلت: فلعله على مثل هذه النصوص اعتمد من اجتهد ورأى حرق الكتب لسبب شرعي، والله أعلم

ـ[عبد]ــــــــ[31 - 01 - 06, 10:33 ص]ـ

********

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير