تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تبريء الهرة]

ـ[أحمد بن عبد المنعم]ــــــــ[11 - 02 - 06, 10:24 م]ـ

[email protected]

انتشر جهل الناس بالسنة النبوية، و بعمل أصحاب خير البرية، فتمكن من النفوس الجهل، و أورث في الأعمال الظلم، و لم يتوقف عند ظلم المسلم لأخيه المسلم، بل امتد لينال من الدواب، التي لا تستطيع أن تنطق، و لا تنشغل إلا أن تسبح فقال الله في محكم التنزيل {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ?} و قد روى الإمام مسلم في صحيحه عن الزهري عن حميد عن أبي هريرة: عن رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا" و الحديث يبين تحريم قتل الهرة، و قد أخرجه الإمام مسلم في باب بهذا العنوان.

و عن كذبهم، و قولهم بأن الهرة نجسة، فقد ورد دليل دامغ يُلقِم هؤلاء حجر في أفواههم، فليس بعد قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قول، و قد أخرج أبو داود في سننه عن داود بن صالح بن دينار التمار عن أمه: أن مولاتها أرسلتها بهريسة إلى عائشة [رضي الله عنها] فوجدتها تصلي فأشارت إَليَّ أن ضعيها فجاءت هرة فأكلت منها فلما انصرفت أكلت من حيث أكلت الهرة، فقالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إِنهَا لَيسَت بِنَجِسَ إِنَمَا هَيَ مِنَ الطَوَافِينَ عَلَيكُم " وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها أي ببقية الماء الذي شربت منه. قال الشيخ الألباني: صحيح، قال العظيم آبادي في كتابه [عون المعبود] شرح سنن أبو داود:- " .... (أن مولاتها): أي معتقة أم داود وكانت أمه مولاة لبعض نساء الأنصار، والمولى: اسم مشترك بين المعتق بالكسر والفتح، والمراد ههنا بالكسر، (أرسلتها): الضمير المرفوع للمولاة والمنصوب لأمه (بهريسة): فعيلة بمعنى مفعولة، هرسها من باب قتل دقَّها. قال ابن فارس: الهرس: دق الشيء ولذلك سميت الهريسة: وفي النوادر: الهريس: الحب المدقوق بالمهراس قبل أن يطبخ، فإذا طبخ فهو الهريسة بالهاء، والمهراس بكسر الميم: هو الحجر الذي يهرس به الشيء، وقد استعير للخشبة التي يدق فيها الحب، فقيل لها مهراس على التشبيه بالمهراس من الحجر. كذا في المصباح، وفي بعض كتب اللغة: هريس كأمير طعام ينخذ من الحبوب واللحم وأطيبه ما يتخذ من الحنطة ولحم الديك. قالت أم داود (فوجدتها): أي عائشة (فأشارت إليَّ أن ضعيها): أي الهريسة، وأن مفسرة لما في الإشارة، وفيه دليل على أن مثل هذه الأشياء جائزة في الصلاة، وقد ثبت في الأحاديث الكثيرة الإشارة في الصلاة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الحق (بفضلها): أي بسؤر الهرة. قال الإمام الخطابي: فيه من الفقه أن ذات الهرة طاهرة، وأن سؤرها غير نجس وأن الشرب منه والوضوء غير مكروه. وفيه دليل على أن سؤر كل طاهر الذات من السباع والدواب والطير وإن لم يكن مأكول اللحم طاهر. انتهى. قال الترمذي: وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم مثل الشافعي وأحمد وإسحاق لم يروا بسؤر الهرة بأساً. قلت: وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن ... "

و روى الإمام أحمد عن مالك عن إسحاق بن أبي طلحة عن حميدة عن كبشة: «رأيت أبا قتادة أصغى الإناء للهرة فشربت، فقال: أتعجبين؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنها ليست بنجس، إنها من الطوّافين عليكم والطوّافات». و عند النسائي قال: قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - «إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ». و معنى كما ذكر في معجم القاموس المحيط (السُّؤْرُ، بالضم: البقيةُ، والفَضْلَةُ) مما أُكِلَ مِنهُ أو شُرِبَ.

و أخرج الدارقطني في سننه عن عائشة قالت: كنت أتوضأ أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد وقد أصابت منه الهرة قبل ذلك، و في الأوسط عند الطبراني المعجم الأوسط عن داود بن صالح عن أبيه عن عائشة قالت:- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع لها الإناء فتشرب ثم يتوضأ بفضلها يعني الهرة. وفي الجامع الصغير و زياداته للألباني الجامع الصغير وزيادته، ذكر مثله و قال صحيح.

و لو أن فيها ضرر لأنبئنا بذلك الحريص علينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ?} لكن الناس يتناقلون، و لا يتحققون من صدق الكلام، و نحن أمة تمتلك مرجعية تزيل الخلاف بيننا في هذه الأمور، و هي شريعة الله التي تولى حفظها إلى يوم القيامة.

و أخيرا أرجوا إفادتي في هذا الموضوع إن أمكن عن آراء الفهقاء في مرور الهرة بين يدي المصلي، و وجودها أو دخولها المسجد، و جزاكم الله خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير