[قبر حاتم الطائي]
ـ[أبو عبد بن أحمد]ــــــــ[12 - 02 - 06, 07:05 م]ـ
Al Jazirah NewsPaper Sunday 12/02/2006G Issue 12190 وَرّاق الجزيرة الأحد 13 محرم 1427 هـ 12 فبراير 2006 م العدد 12190
مقال نشر اليوم لأحد الإخوة، (والمقال يعبر عن رأي كاتبه لا ناقله)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
قبر حاتم الطائي مكان وجوده بين المتقدمين والمتأخرين
حسان بن إبراهيم بن عبد الرحمن الرديعان
قبر حاتم الطائي الذي اشتُهِرَ بين الناس بأنه موجود في رسم (توران) وهو موضعٌ يقع في أقصى الشمال من سلسلة جبل أجا والتي تَمتدُ على طول 100 كيلو من الشمال إلى الجنوب، قد اختُلِفَ في تحديده في نصوص المتقدمين. وسبب هذا المبحث عِدَّةُ أمور:
الأول: أنَّ الكلام على تحديد القبر قد شاعَ وذاعَ بين النَّاس، ولا يزال ناقلوه ينقلونه دون نظر واستدلال، وتبعَ في ذلك الإعلامُ المقروء والمسموع دون إعمال لأقل معايير البحث والتحقيق.
الثاني: أن هُناك من يُنادي إلى تسهيل الطريق إليه وتعبيده ليكونَ معلمَاً سياحيَّاً يجذبُ الزُّوَّارَ إليه، ويكون رافداً من روافدِ السياحَةِ اقتصاديَّاً وثقافيَّاً، ولا شك أنَّ في هذا جوراً شرعياً وعلمياً، فهل تكون السياحةُ في شَدِّ الرِّحال إلى القبور المفضي إلى تعظيمها؟! وفتحِ البابِ أمامَ الجهَلةِ لتقديسها؟! ويدلُّ على هذا أنَّهُ قد كُتبَ قديماً على قبر حاتم المزعوم في توران العبارة التالية (قبر السخيِّ الجواد حاتم الطائي) وهي عبارةٌ موحيةٌ إلى التعظيم، إلاَّ أن غيرة بعض الأفاضل على الشرع والتاريخ طمستْ هذه العبارة.
الثالث: عدم تفنيد من اعتنى بالمواضع والآثار لهذه المسألة تفنيداً يقطع الشك باليقين، وعلى ضوء أسس علمية، يبيَّن من خلاله تحديد موضع القبر، وما هي الأسباب التي جعلت هذا الأمر يشتهر بين الناس هذه المُدَّة الطويلة. وهنا لا بد من الإشارةِ إلى أنَّ الآثار سواء أكانت في الجاهلية أو الإسلام لها أثر على النفس، خاصة من ساكني المكان، وأهل البلدة، فشعورهم بما يربطهم بآلاف السنين، وأن هذا المكان قد غبرت عليه أممٌ، وحدثت فيه خطوبٌ أو فتوحات، أمرٌ يبعث النفس على الافتخار والعزَّة، والغلبةِ والتمكين، والأشد من ذلك إذا كان هذا الأمر مرتبطاً بالنسب أو القبيلة. فالنفس مجبولةٌ على تعظيم التراب التي عاشت عليه، ومن هنا تأخذ كثير من الناس العواطف تجاه الآثار، فإن كانت بيدِ عاقلٍ بصيرٍ بأمرِ اللهِ ورسولهِ صلى الله عليه وسلم يكون الخطرُ شبه معدوم. وإن كان الأمر بيد جاهل أو عارفٍ خالطهُ شيء من التعصبِ للترابِ كان الخطرُ الذي خشيهُ عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه على من همْ أفضلُ منَّا وخيرٌ منَّا، فقد أخرج ابن وضَّاحٍ في البدع قال (قال سمعتُ عيسى بنَ يونس مفتي أهل طرسوس يقول: أمرَ عمرُ بن الخطابِ بقطعِ الشجرةِ التي بويعَ تَحْتَها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقَطَعَها لأنَّ الناسَ كانوا يذهبونَ فيُصلُّونَ تَحْتَها فخافَ عليهم الفتنةَ، قال عيسى بن يونس: وهو عندنا من حديثِ ابنِ عونٍ عن نافعٍ أنَّ الناسَ كانوا يأتونَ الشجرَةَ فقطعَهَا عُمر، قالَ ابنُ وضَّاحٍ: وكان مالكُ بن أنسٍ وغيره من علماء المدينة يَكرهون إتيانَ تلكَ المساجدِ وتلكَ الآثارِ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم مَا عَدا قُبَّاً واحداً. قال ابن وضاح: وسمعتهم يذكرون أنَّ سفيانَ الثوريَّ دخَلَ مسجدَ بيت المقدسِ فصلَّى فيه ولم يَتْبَعْ تلك الآثارِ ولا الصلاةَ فيها وكذلكَ فعل غيره أيضاً ممن يُقتدى به، قال ابنُ وضاح: فعليكم بالاتباعِ لأئمةِ الهدى المعروفين) انتهى بتصرف يسير. والكلام في هذه المبحث سيكون ضمن الفصول الآتية:
الفصل الأول: منازلُ قومِ حاتِم. الفصل الثاني: اختلافُ المتقدمينَ في تَحديدِ قبر حاتم الطَّائي. الفصل الثالث: توجيه حول رأي الشيخ حَمد الجاسر في قبر توران. الفصل الرابع: الترجيح في تحديد قبر حاتم الطائي
وإن كان من خطأٍ فمن نفسي والشيطان، والصواب من الله وحده، وهو حسبي ونعم الوكيل.
الفَصْلُ الأول: منازلُ قومِ حاتِم
¥