واختلف أهل العلم في حلق رأس المولودة الأنثى إلى أقوال:
الأول: ذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، لما روي أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزنت شعر الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وتصدقت بزنة ذلك فضة. ولأن الحلق فيه مصلحة من حيث انتفاع الفقراء بالصدقة ومن حيث تحسين الشعر، وليس في حلق رأس المولودة تشويه.
الثاني: قال الحنابلة بعدم مشروعية حلق رأس المولودة لحديث سمرة مرفوعا: كل غلام ... ) فخصه بالغلام.
الثالث: قول الحنفية بإباحة ذلك كله.
وسئل الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن حلق رأس البنت حتى يقوى الشعر ويكثر؟ فقال: الله أعلم.
والظاهر أن حلق الرأس يكون قبل العقيقة لما سيأتي من استحباب تطييب الرأس المحلوق بعد العقيق.
العقيقة عن المولود
العقيقة عن المولود ثابتة في صحيح البخاري من طريق سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى". وعن سمرة مرفوعا:" كل غلام رهينة رعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه".
والمجزئ شاة عن كل مولود، لحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين بكبش.
والأفضل أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة واحدة، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يعق عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة)، وقالت:" عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين شاتين ذبحهما يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى. قالت: فقال رسول الله صلى عليه وسلم: اذبحوا على اسمه وقولوا: بسم الله اللهم منك وإليك، هذه عقيقة فلان. قالت: وكانوا في الحاهلية يخضبون قطنة بدم يوم العقيقة فإذا حلقوا الصبي وضعوها على رأسه فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا مكان الدم خلوقا ".
ودل هذا الحديث على استحباب أن تكون العقيقة في اليوم السابع، وأن تذبح العقيقة على اسمه بأن يقال: بسم الله اللهم منك وإليك، هذه عقيقة فلان. وهو دال على سبق التسمية للعقيقة.
وقال عطاء أيضا عن العقيقة:" عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة تذبح يوم السابع إن تيسر وإلا فأربع عشرة وإلا فإحدى وعشرين. قال الترمذي: وأهل العلم يستحبون ذلك.
وأما الحكمة من تحديد اليوم السابع فقال الدهلوي رحمه الله: وأما تخصيص اليوم السابع فلأنه لا بد من فصل بين الولادة والعقيقة فإن أهله مشغولون بإصلاح الوالدة والولد في أول الأمر فلا يكلفون حينئذ بما يضاعف شغلهم، وأيضا فرب إنسان لا يملك شاة إلا بسعي فلو سن كون العقيقة في أول يوم الولادة لضاق الأمر عليهم. والسبعة أيام مدة صالحة للفصل المعتد به.
ويستحب أن تقطع العقيقة أعضاء ولا تكسر أعضاؤها، وأن تطبخ وتوزع على الجيران ويقال: هذه عقيقة فلان،لما ثبت عن جابر رضي الله عنه قال: وفي العقيقة تقطع أعضاءً ويطبخ بماء وملح ثم يبعث به إلى الجيران فيقال: هذه عقيقة فلان. قال أبو الزبير: فقلت لجابر: أيضع فيه خلا؟ قال: نعم هو أطيب له.
وقال عطاء في لحم العقيقة: تقطع أعضاء. قال الإمام أحمد: يعني لا يكسر لها عظم. قال: وهذا أعجب إلي.
وله أن يصنع بلحم العقيقة ما شاء، فقد سئل الإمام أحمد عن العقيقة فقال: قال ابن سيرين: اصنع بلحم العقيقة كيف شئت. قيل: كيف؟ يأكلها كلها؟ قال: يأكل ويطعم. أي يتصدق بجزء منها.
وأما كونها ذكرا أم أنثى فإن الحديث صريح في التسوية بينهما وذلك فيما روته أم كرز الكعبية أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال:" نعم عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة لا يضركم ذكرانا كن أم إناثا".
تلطيخ رأس الصبي بعد حلقه:
يستحب أن يطيب رأس المولود بالطيب، لما تقدم عن عائشة رضي الله عنها قالت: وكانوا في الحاهلية يخضبون قطنة بدم يوم العقيقة فإذا حلقوا الصبي وضعوها على رأسه فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا مكان الدم خلوقا ".
وقال بريدة الأسلمي رضي الله عنه: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران".
الختان
الختان من شعار الإسلام، وهو من الفطرة كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:" الفطرة خمس الختان ... ". ولذا شرع لمن يسلم أن يختتن فقد ثبت عن قتادة الرهاوي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر من أسلم أن يختتن ... ".
وأما ختان البنات فالأحاديث الواردة فيها لا تخلو من مقال. إلا أنه معروف عند العرب ولم ينكره الإسلام كما في حديث:" إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل".
ومن هدي السلف أن يقيموا احتفالا بعد الختان، لأنهم كانوا يختنون أبناءهم قبل البلوغ، فقد قال عبدالله بن يزيد: رأيت واثلة بن الأسقع دعا الناس إلى ختان ابنه.
وقال نافع: كان ابن عمر يطعم على الختان.
وكانوا يتوسعون في وليمة الختان في استعمال الدف وإنشاد الأشعار، وإحضار من يدخل السرور على الأطفال عن محمد بن سيرين أن عمر كان إذا سمع صوت دف أنكر، فإن قالوا: عرس أو ختان سكت. وعن عكرمة قال: ختن ابن عباس بنيه فأرسلني فجئته بلعابين فلعبوا وأعطاهم أربعة دراهم.
ومن هديهم قبول دعوة الختان، فقد قال مكحول لنافع: كان ابن عمر يجيب دعوة صاحب الختان إلى طعامه؟ قال: نعم.
كما أن من المستحب عندهم إعانة صاحب الدعوة بالمال ليقوم بتجهيزها، فقد ورد عن القاسم قال: أرسلت إلي عائشة بمائة درهم فقالت: أطعم بها على ختان ابنك.
¥