تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن عُوارض المذكور عند المتقدمين والمشهور في الأبيات كما سبق هو المقرون برسم قنا ما بين بلاد غطفان - والتي تبدأ من التحام رمل عالج بالحرار والهضاب التي بينها وبين طيء -، فهو ينسب تارةً لطيء وتارةً لغطفان، وهما قبيلتان متجاروتان. وأنه ليس الجبل المقصود من كلام أبي رياش.

الفصل الثالث: توجيه حول رأي الشيخ حَمد الجاسر في قبر توران

قال الشيخ حَمد الجاسر رَحِمَهُ الله في رسم توران (وليس من المستبعد أن تكون قرية بني عدي بن أخزم قوم حاتم، وأنها سكنت في وادي توران، فالمكان فيه آثار عمران قديم من أبنية وآبار، وجبل عوارض الذي قيل: إن قبر حاتم فيه ليس بعيداً عنه ويقع شماله. ومدخل الوادي ضيق بحيث لو وقف عنده عدد قليل من الرجال لمنعوا من يحاول الدخول، ثم إن الوصول إلى مدخل الجبل يمر بمنعطفات أسفل الوادي وهي على اتساعها تتيسر حمايتها، والوصول إلى قرية حاتم وقومه كان صعباً كما يفهم من قوله: لقد جهل مداخل سبلاَّت) (25)، هذا احتمالٌ أوجده الشيخ - رحمه الله - لكن فيه شيءٌ من التناقض مع كلامه في الرسوم الأخرى، وإليك بيان ذلك:

1 - أنَّ الشيخ لم يعضد هذا الاحتمال من تنصيص كلام المتقدمين، لا سيما وقد نصَّ المتقدمون على أنَّ توران من منازل قيس بن شمَّر من بني زهير.

2 - أنَّ جبل عوارض إذا قصدنا غير عوارض قنا، فهو ليس شمال توران الآن، بل هو غربه يميل إلى الشمال قليلاً، وفرقٌ ما بين منزل توران قديماً وما بين الأودية التي على جبل عويرض كشوط وذلك عند بطون طيء قديماً.

3 - أنَّ الشيخ - رَحِمَهُ الله - حدَّدَ جبل سبُلاَّت في جنوب أجا، واستشهد بأن مداخلَ سُبُلاَّتٍ قال عنها رجل من طيء عندما علم أن الملك مُحرِّق - ملك الحيرة في العراق - توعد حاتم الطائي بأن يُحَرِّق قريته قال الرجل: (جهل مرتقى بين مداخل سُبُلات) يعني أن ملك الحيرة جَهِل صعوبة مداخل أجا من جهة سُبُلاَّت، ويرى الشيخ الجاسر أن ملك الحيرة ليس أمامه إلا طريق واحد للوصول إلى أجا، حيث حاتم الطائي وهو أن يأتي من جنوب غرب أجا، حيث تلتقي رمال عالج بمنخفضات الحرار الشرقية، وهناك مداخل لحائل بين الجبال من بين الحضن إلى رمان وهي سلسلة جبال فيها منافذ تربط رمان بأجا من الجنوب، وهي تمر على الغزالة والمهاش وسقف (26)، وهذه الفجوات والمرتقيات التي ما بين رمان إلى الحضن ومواسل هي التي تُسمَّى سُبُلاَّت كما قال ياقوت وَوَجَّه الجاسر. لكنّ الأظهر أن التسمية بقيت في جبل واحد الذي هو الآن شمال شرق رمان. وعلى كُل فسابل ومواسل والمرتقيات التي يرى الشيخ حمد الجاسر بتسميتها سبُلاَّت هي على رأي الشيخ حمد أنَّها في جنوب أجا لا شماله. لذا ربْطُ الشيخ بأن مداخل سبُلاَّت في شمال أجا مع توران فيه تعارض مع كلامه هنا في وصف رسم سبُلاَّت. فأين الحضن ورمَّان من توران وأظايف؟!. وما بين رسميِّ الحضن ومواسل (كحلة الآن) فيه من المداخل والمرتقيات ما يكون منَعَةً شديدةً للقوم من العدو.

الفصل الرابع: الترجيح في تحديد قبر حاتم الطائي

ينحصر الخلاف بين المتقدمين في تحديد قبر حاتم الطائي في موضعين:

1 - تنغة وأظايف وهما قريبان من بعض ولا خلاف بين من قال إنَّه في أظايف وبين من قال إنه في تنغة كما سبق بيانه.

2 - عوارض. ولا يمكن أن نجمع بين عوارض وبين تنغة أو أظايف. والراجح في ذلك هو قول من قال إنه في تنغة وأظايف لما يلي:

1 - أن تنغة وأظايف من منازل قوم حاتم الذين هم قوم عدي بن أخزم، وعوارض ليست منزلاً من منازل قوم حاتم.

2 - أنَّ أبا عبيدة معمر بن المثنى وأبا علي الهجري متقدمين على أبي رياش والزمخشري، خصوصاً أن معمر بن المثنى ينقل عن منصور بن يزيد الطائي. وأبو علي الهجري اعتنى بالمواضع اعتناءً دقيقاً. فكلامهم هو المعول في مثل ذلك.

هذا ما أرجحه وأميل إليه بعد طول نظرٍ وتأمل، وبعد تطبيقٍ على الأماكن المذكورة. لكن ما يحسن قوله هنا والتنبيه عليه أنه على القول بأن قبر حاتم الطائي قد يكون في عوارض إلاَّ أنه لا دليل على وجوده في توران، فلم ينص أحد لا من المتقدمين ولا من المتأخرين على أنه في توران، والخلاف إنَّما هو بين عوارض وبين تنغة وأظايف. أما توران فهي خارجة عن مناط الخلاف، مما يجعل التشدد في أن قبر حاتم الطائي في توران أمراً فيه تعسُّفٌ وبعدٌ عن التحقيق، وتصديقٌ لبعض الخرافات والأساطير. والله من وراء القصد.

الهوامش

1 - انظر جمهرة أنساب العرب لابن حزم 165

2 - في طيء أربعة أسماؤهم امرؤ القيس، وأما الشاعر الجاهلي فهو: امرؤ القيس بن حجر بن عمرو الكندي، وهو من أهل نجد، من الطبقة الأولى.

3 - ذكر ابن دريد في الاشتقاق أنه منه خرج المثل المشهور (شنشنةٌ نعرفها من أخزم) في قصيدة له بولده.

4 - انظر مشجَّرة طيء والرسم البياني في آخر كتاب (شعر طيء وأخبارها في الجاهلية والإسلام).

5 - أبو علي الهجري 385

6 - الدكتورة وفاء السنديوني جعلت امرأ القيس ابناً ينحدر من عمرو بن درماء، وهذا بعيد لسببين:

الأول: أن في طيء أربعة أسماؤهم امرؤ القيس، أقربهم إلى عمر بن درماء جد الجرنفش الطائي ينتهي إلى زهير أخي عوف جد عمرو.

الثاني: أن البيت سياقه سياق الضيف الزائر، والنازل للقوم.

7 - الشطر الثاني ورد: فيا نعم ما جارٍ ويا نعم ما محل

8 - أبو علي الهجري ص 183

9 - معجم البلدان (2 - 54)

10 - في كشف الظنون وفاته سنة 900هـ وهو خطأ، والصحيح أعلاه وهو ما أثبته ابن حجر في الدرر الكامنة، فالكتاب إحدى مصادر القلقشندي في صبح الأعشى الذي فرغ منه سنة 814هـ. انظر ط. إحسان عباس سنة 1975م.

11 - انظر معجم شمال المملكة (3 - 1064)

12 - ص 572

13 - أبو علي الهَجَري 385

14 - معجم البكري 978

15 - معجم البلدان 4 - 164

16 - معجم البلدان 2 - 50

17 - أبو علي الهَجَري 385

18 - معجم البلدان (1 - 219)

19 - شمال المملكة (1 - 97)

20 - ديوان حاتم الطائي (ص 62) ط. دار بيروت سنة 1402هـ.

21 - معجم البلدان (2 - 50)

22 - معجم البكري 978

23 - معجم البلدان (4 - 164)

24 - شمال المملكة (3 - 955)

25 - شمال المملكة (1 - 263 - 264)

26 - شمال المملكة (3 - 656)

[email protected]

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير