ـ[الحاج أحمد]ــــــــ[29 - 04 - 09, 03:04 ص]ـ
بعد هذه الخطبة أقول:
أولا: نعم اتفق أن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذ بها .. قال الشيخ سفر في رده على المفكرين
الأمريكيين الستين: "أن الدائرة الإسلامية مهما اتسعت لا تدعي أبداً احتكار الحق أو العدل لمن هم
داخلها كما يتوهم كثيرون في الغرب - ربما بناءً على أخطاء بعض المسلمين في فهم الإسلام وتقديمه -
بل هي تعلم عن يقين أن من قواعد الشريعة أنه حيث كان العدل فثم شرع الله، وأن الحكمة ضالة
المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها" .. ثم قال بعد ذلك: "ومن هنا لم يتحرج فقهاء الإسلام بل الخلفاء
الراشدون من الإفادة من أي مصدر كان، بل أن النبي صلى الله عليه وسلم قرر حكماً شرعياً - مخالفاً
لما كان عليه العرف العربي - استناداً إلى أن الروم وفارس يفعلونه" ويقصد به الشيخ سفر حكم "الغيلة" –
رضاع الطفل من أمه الحامل – والحديث فيه رواه مسلم ..
كذلك أنشأ أحد الخلفاء الراشدين نظام ديوان الجند مقتبسا من الأمم المجاورة .. وقام السلطان محمود
الثاني – من أواخر سلاطين آل عثمان – بإعداد أول جيش نظامي في الدولة العثمانية على نسق
الجيوش الأوربية نظرا لتقهقر الانكشارية وانهزامهم ..
ومثال أخير يبين الاستفادة من الآخر مما لا مضرة فيه على الدين: قال الشيخ الأديب علي الطنطاوي
في "ذكرياته": "وهناك طريقة جميلة لتدريس علم النحو عند الفرنسيين، فإذا أردت أن تعرف الفاعل تسأل
مثلا من هو الذي ضرب؟ وإذا أردت أن تعرف المفعول به تسأل من هو الذي ضُرب؟ وإذا أردت أن تعرف
الفعل تسأل ما الذي فعله الضارب؟ …وهكذا الحال وظرفا الزمان والمكان .. " ..
إن كتب التراث الإسلامية والعربية محشوة بحكمة الصين وطب الهند وفلسقة اليونان .. ففي كتاب "عيون
الأخبار" لابن قتيبة، وكتاب "العقد الفريد" لابن عبد ربه ووكتاب "نشوار المحاضرة" و"الفرج بعد الشدة"
للقاضي التنوخي، وكتاب "الحيوان" للجاحظ، وكتاب "الأذكياء" لابن الجوزي، وكتاب "المستطرف"
للإبشيهي وغيرها .. تعج بمئات بل آلاف الحكم واللطائف والظرائف والنكات من كنوز الأمم الخالية ..
لا بأس أن أطرفكم بشيء منها: وهو ما جاء في "الفرج بعد الشدة" مشيدا بفضيلة الصبر ..
قال القاضي التنوخي: سخط كسرى على بزرجهمر فحبسه في بيت مظلم وأمر أن يصفد بالحديد.
فبقي أياماً على تلك الحالة، فأرسل إليه من يسأله عن حاله، فإذا هو مشروح الصدر مطمئن النفس،
فقالوا له: أنت في هذه الحالة من الضيق ونراك ناعم البال!.
فقال: اصطنعتُ ستة أخلاط وعجنتها واستعملتها فهي التي أبقتني على ما ترون! قالوا: صف لنا هذه
الأخلاط لعلنا ننتفع بها عند البلوى. فقال: نعم. أما الخلط الأول: فالثقة بالله عز وجل، وأما الثاني: فكلّ ما
شاءه الله كائن، وأما الثالث: فالصبر خير ما استمهل الممتَحن، وأما الرابع: فإذا لم أصبر فماذا أصنع ولا
أعين نفسي بالجزع؟ وأما الخامس: فقد يكون أشدُّ مما أنا فيه، وأما السادس: فمن ساعة إلى ساعة
فرج. فبلغ ما قاله كسرى، فأطلقه وأعزّه. أ. هـ.
ثانيا: هم يقولون في مقدمة دراسة الهندسة اللغوية العصبية Nlp: " كذلك الإنسان يولد على الفطرة وأبواه
يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه فالإنسان يكتسب من أبويه (وأسرته، ومدرسته، ومجتمعه) معتقداته،
وقيمه، ومعاييره، وسلوكه، وطريقة تفكيره. كل ذلك عن طريق حواسه، و عن طريق اللغة التي
يسمعها منذ صغره، ويقرأها عندما يتعلم القراءة. تذهب جميع هذه المعلومات إلى دماغه وجهازه
العصبي، فيكون صورة للعلام من خلال ذلك. ولا يكون لديه إلا ذلك العالم الذي تشكل في ذهنه, بغض
النظر عما يحدث في العالم الخارجي. ومن ناحية أخرى فإنه إذا تغير ما في ذهنه, فإن العالم بالنسبة
له سيتغير, بغض النظر عما يحصل في العالم الخارجي. وبالتالي فإن الإنسان إذا اعتقد أن بإمكانه أن
يقوم بعمل ما, أو اعتقد بأنه لا يمكنه أن يقوم به, فإن ما يعتقده صحيح في الحالتين.
مادا يعني ذلك؟ إن ذلك يعني أن الإنسان يستطيع تغيير العالم عن طريق تغيير ما في ذهنه!! ولكن كيف
يمكنه تغيير ما في ذهنه؟ " ..
قلت: وهل في هذا الكلام جديد؟!! ..
إن من الأكاذيب الكبار التي يتشدق بها المطبلون لهذا التيار أنه إذا تغير ما في ذهنك فإن العالم سيتغير
¥