4 - تفسير القرآن بأقوال التابعين.
ولو دققوا النظر لتبين لهم أن تفسير القرآن بالقرآن ينسب إلى من فسر به. فهو إن كان من الصحابي فهو من قبيل تفسيره بالرأي المنسوب للصحابي وكذلك للتابعي وهكذا. ولو محص النظر أكثر لكان كل تفسير بالرأي يعتبر بالنسبة لمن بعده تفسيراً بالمأثور. فكل محدث يعتبر قديماً ومأثوراً لمن بعده وهكذا. ولكنهم قصروه على هذه الأنواع الأربعة، مع اختلافهم في كون تفسير التابعي حجة، وليس في كونه مأثوراً أم غير مأثور، إذ لم يكن مصطلح (المأثور) معروفاً ولا شائعاً عند المتقدمين.
وختاماً: فأنا أعجب من مؤلفين متخصصين معاصرين سارا على هذه الطريقة، ولم يتنبها لهذه النقطة تنبهاً يدل على اتضاح الأمر لهما، مع إن عنواني كتابيهما تدلان على أنهما دققا وحللا المصطلحات وهما:
1 - فضيلة الشيخ الكريم الأستاذ الدكتور أحمد حسن فرحات في كتابه (في علوم القرآن – عرض ونقد وتحقيق). حيث يقول ص 251: (من خلال ما قدمناه يتبين لنا أن التفسير ينقسم إلى قسمين رئيسيين هما: التفسير بالمأثور، والتفسير بالرأي. فالتفسير بالمأثور هو التفسير بالرواية، وهو يشمل تفسير القرآن بالقرآن - وتفسير القرآن بالسنة النبوية - وتفسير القرآن بقول الصحابي - وتفسير القرآن بقول التابعي ... )
2 - فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور سليمان بن صالح القرعاوي في كتابه (مصطلحات علوم القرآن – عرض وتحليل واستدراك). حيث قال ص 264: (يقسم العلماء التفسير إلى نوعين رئيسين وهما: التفسير المأثور، والتفسير بالرأي أو الدراية، ومنهم من يضيف إليه التفسير الإشاري كنوع ثالث والذي يخرجه الكثير عن حيز التفسير كما سنرى فيما بعد).
فهما بالرغم من أنهما كتبا هذين الكتابين خلال العامين المنصرمين، إلا أنهما لم يتعرضا لنقد هذا المصطلح، وهذا التقسيم غير الدقيق. فأين النقد، والتحليل، والاستدراك إذاً؟
وقد نقد الدكتور مساعد الطيار مصطلح التفسير بالمأثور في كتابه (فصول في أصول التفسير)، وكتب بعد ذلك مقالة مفيدة في نقد مصطلح التفسير بالمأثور في مجلة البيان العدد (76) في شهر ذي الحجة عام 1414هـ. إن أردتِ وضعتها في الملتقى.
ـ[المشارك7]ــــــــ[17 Apr 2003, 12:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
جزاكم الله خيرا على هذا المنتدى المبارك باذن الله ووفقكم الله وسددكم وبارك فيكم ونفع بمنتداكم.
هذه مقالة للشيخ مساعد الطيار نافعة في هذه المسالة:
(التفسير بين الأثر والرأي:
لقد ظهر ـ من خلال الأمثلة الدالة على جواز الرأي ـ أن الرأي قد برز في عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان قليلاً، ثم اتسع وانتشر أكثر في عهد الصحابة ومَنْ بعدهم.
كما ظهر أن مِن الصحابة والتابعين وأتباعهم مَنْ فسروا القرآن برأيهم، فهل نُسمِّي ما ورد عنهم تفسيراً بالمأثور، وما ورد عن غيرهم تفسيراً بالرأي؟
إن تقسيم التفسير على هذا النحو فيه قصورٌ ظاهرٌ (26)، وذلك لأمرين:
الأول: أن أغلب من قسّم هذا التقسيم جعل حكم المأثور وجوب الأخذ به على إطلاقه، مع أن بعضهم يحكي خلاف العلماء في قبول أقوال التابعين، كما ينسى حكم ما اختلفوا فيه: كيف يجب الأخذ به مع وجود الاختلاف بينهم؟
الثاني: أن في ذلك تناسياً للجهد التفسيري الذي قام به السلف، وتجاهلاً لرأيهم في التفسير الذي يُعَدّون أول من بذره وأنتجه.
إن هؤلاء السلف قالوا في القرآن بآرائهم، كما قال المتأخرون بآرائهم، ولكن شتان بين الرأيين؛ فرأي السلف هو المقدّم بلا إشكال.
إن المقابلة بين التفسير بالمأثور (على أنه تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة، ثم بأقوال التابعين) والتفسير بالرأي (على أنه ما عدا ذلك) خطأ محضٌ لا دليل عليه من قول السلف أو من العقل.
إن تسمية تفسير السلف تفسيراً بالمأثور باعتبار أن طريق الوصول إليه هو الأثر تسميةٌ لا غبار عليها، وهو بهذا لا يقابل التفسير بالرأي، بل التفسير بالرأي ممتزج فيه؛ لأن من تفسيرهم ما هو نقلٌ لا يصح تركه أو إنكاره؛ كأسباب النزول، ومنه ما هو استدلال وقولٌ بالرأي، وكلا هذين عنهما؛ إنما طريقنا إليه هو الأثر.
كتب التفسير بين الرأي والأثر:
¥