تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بناءً على ما وقع من مقابلة التفسير المأثور بالتفسير بالرأي، وقع تقسيم التفاسير إلى تفاسير بالمأثور وتفاسير بالرأي، وقد نشأ بسبب ذلك قصورٌ آخر، وذلك في أمرين:

الأول: أنه قَلّ أن تترك التفاسير المعتبرة أقوال السلف، بل تحرص على حكايتها، ومع ذلك تجد أن بعض هذه التفاسير حُكِمَ عليه بأنه من التفسير بالمأثور والآخر من التفسير بالرأي (27).

والصواب أن يقال: إن المفسر الفلاني مكثر من الرواية عن السلف مكثر من الاعتماد على أقوالهم، والآخر مقلّ من الرواية عنهم أو الاعتماد عليهم.

الثاني: أن من حُكِمَ على تفسيره بأنه من التفسير بالمأثور قد حِيفَ عليه وتُنُوسي جهده الخاص في الموازنة والترجيح بين الأقوال التي يذكرها عن السلف، وأشهر مثالٍ لذلك إمام المفسرين ابن جرير الطبري، حيث يعدّه من يقابل بين التفاسير بالمأثور والتفسير بالرأي من المفسرين بالأثر، وهذا فيه حكم قاصرٌ على تفسير الإمام ابن جرير، وتعامٍ أو تجاهلٌ لأقواله الترجيحية المنثورة في كتابه.

هل التفسير منسوب إليه أم إلى من يذكرهم من المفسرين؟!

فإذا كان تفسيره هو؛ فأين أقواله وترجيحاته في التفسير؟!

أليست رأياً له؟

أليست تملأ ثنايا كتابه الكبير؟!

بل أليست من أعظم ما يميّز تفسيره بعد نقولاته عن السلف؟!

إن تفسير ابن جرير من أكبر كتب التفسير بالرأي، غير أنه رأي محمود؛ لاعتماده على تفسير السلف وعدم خروجه عن أقوالهم، مع اعتماده على المصادر الأخرى في التفسير.

كما أن تفسيره من أكبر مصادر التفسير المأثور عن السلف، وفَرْقٌ بين أن نقول: فيه تفسير مأثور، أو أن نقول: هو تفسير بالمأثور؛ لأن هذه العبارة تدل على أنه لا يذكر غير المأثور عن السلف، وتفسير ابن جرير بخلاف ذلك؛ إذ هو مع ذكر أقوالهم يرجِّح ويعلِّل لترجيحه، ويعتمد على مصادر التفسير في الترجيح.

ولكي يَبِين لك الفرق في هذه المسألة: وازن بين تفسيره وتفسير عَصْرِيّهِ ابنِ أبي حاتم (ت: 327) الذي لا يزيد على ذكر أقوال السلف، وإن اختلفت أقوالهم فلا يرجح ولا يعلق عليها، أليس بين العالمين فرق؟

وأخيراً .. هذه بعض قضايا في التفسير بالرأي، والموضوع يحتاج إلى بحث أعمق وأطول، والله الموفق.

الهوامش:

(26) قد فصلت القول في مصطلح التفسير بالمأثور، انظر مجلة البيان عدد 76.

(27) انظر على سبيل المثال محمد حسين الذهبي في كتابه (التفسير والمفسرون) وتقسيمه التفاسير بين المأثور والرأي من غير أن يورد ضابطاً يمكن التعويل عليه في هذا التقسيم، وقد قلّده آخرون في هذا من غير استدراك ولا تعقيب.)

وللشيخ مساعد مجموعة رسائل منها ماذكره الشيخ عبد الرحمن الشهري جزاه الله خيرا في نقد مصطلح التفسير بالماثور ومنها ماذكرته في التفسير بالراي وغيرها ومن هذه الرسائل فهي في هذا الرابط:

http://64.246.11.80/~baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6945&pagenumber=2

ولكن يلزم لفتحها برنامج WinRAR .

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Apr 2003, 09:47 ص]ـ

الإخوة الكرام: لقد كتبت حول هذا الموضوع في كتابي (مفهوم التفسير والتأويل والتدبر والاستنباط والمفسر) بحثًا فيه طول، وأستميحكم في المشاركة به.

إنَّ مصطلح التفسير بالمأثور معروف عند العلماء السابقين، لكنَّ تعريفه بأنه: تفسير القرآن بالقرآن، وتفسير القرآن بالسنة، وتفسير القرآن بأقوال الصحابة، وتفسير القرآن بأقوال التابعين = مصطلحٌ معاصر.

وقد جُعِلَ مصطلحِ التفسير بالمأثور هذا مقابلاً للتفسير بالرأي؛ أي أنَّ ما لم يكن من التفسير بهذه الأنواع الأربعة، فهو من التفسير بالرأي.

ومما بُنِيَ على هذين المصطلحين من نتائج: تقسيم كتب التفسير على هذين المصطلحين.

وهناك غير ذلك مما ذكره من كتب في هذا المصطلح سيأتي ذكر بعضها أثناء الحديث عنه.

مناقشة هذا المصطلح:

أولاً: في تحديد التفسير بالمأثور في هذه الأنواع الأربعة:

1 ـ إنَّ من جعل التفسيرَ بالمأثور يشمل هذه الأنواع الأربعة، لم يبين سبب تحديد المأثورِ بها. وهذا التحديد اجتهادٌ، وهو قابل للأخذ والردِّ، كما هو الحال في غيره من المصطلحات العلميَّةِ غير الشرعيَّةِ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير