تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jun 2003, 04:44 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

درَّسنَا التفسير الموضوعي الأستاذ الدكتور مصطفى مسلم محمد حفظه الله، وكان المقرر الدراسي هو كتاب (مباحث في التفسير الموضوعي) الذي ألفه، وطبعته دار القلم بدمشق عام 1410هـ. فكلف كل طالب بكتابة بحث من أجل التدرب على هذا اللون من التفسير الذي لا يزال في مراحله الأولى. فكان من نصيبي بحث (الولاية في القرآن الكريم)، وعندما أردت وضع خطة لهذا الموضوع واجهتني صعوبات في ذلك، وشكوت إلى الشيخ مصطفى غموض طريقة البحث في هذا اللون من التفسير. وأنه لا يصح أن يطلق عليه التفسير الموضوعي في مقابل التفسير التحليلي. وأن التفسير الموضوعي مبني على التحليلي ولا بد، إلى غير ذلك من إشكالات.

ولما ناقشني في البحث أمام الزملاء، قال: إن الذي يقرأ أول بحثك يبدو له أن الموضوع واضح في ذهنك وضوحاً تاماً، ولكنه ما إن يدخل في صلب البحث حتى يظهر له أنك لم تفهم الموضوع!

فشكوت له ذلك، وقلت: إنك تشترط في عنونة الفصول والأبواب شروطاً لم أستطع تحقيقها، وهو أن هناك مباحث مهمة في الموضوع، ولكنها لم ترد في القرآن الكريم. فماذا أصنع؟ وغير ذلك مما أشار إليه الدكتور مساعد الطيار في مشاركته السابقة.

وتاريخ الكتابة التأصيلية المنهجية في هذا اللون من التفسير حديثة النشأة، فمن أول من ألف فيه الشيخ الكريم الدكتور أحمد السيد الكومي والدكتور محمد أحمد قاسم في مؤلفهما (التفسير الموضوعي للقرآن الكريم) ولعلهما أول من سماه بهذا الاسم. وعنهما أخذ من بعدهما.

ثم توالت المؤلفات بعد ذلك فيه، فكتب الدكتور أحمد العمري (دراسات في التفسير الموضوعي). وكتب الدكتور زاهر بن عواض الألمعي (دراسات في التفسير الموضوعي)، وكتب الدكتور عبدالحي الفرماوي (البداية في التفسير الموضوعي)، وكتب الدكتور الحسيني أبو فرحة (الفتوحات الربانية في التفسير الموضوعي)، وكتب الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد (المدخل إلى التفسير الموضوعي)، وكتب الدكتور مصطفى مسلم (مباحث في التفسير الموضوعي)، وكتب الدكتور عبدالجليل عبدالرحيم (التفسير الموضوعي للقرآن في كفتي الميزان)، وكتب الدكتور صلاح الخالدي (التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق).

وجل هذه المؤلفات كانت محاضرات ألقاها مؤلفوها على طلاب الدراسات العليا، ثم جمعت بعد ذلك في كتب. ولذلك فلا يزال هذا اللون من التفسير في حاجة ماسة إلى الدراسات التأصيلية التقويمية لمساره، حتى تتكامل الجهود، ويستقيم المنهج.

والذي ذكره الدكتور مساعد الطيار من مبالغة بعض من صنف في التفسير الموضوعي في وصفه بأوصاف تقلل من شأن غيره من التفاسير، وتقلل من شأن كتب التفسير السابقة، وتتهم السابقين بعدم التنبه لهذا اللون، وتقصيرهم في العناية به، أمر يلحظه القارئ العادي في بعض كتب التفسير الموضوعي، ولعل مرد ذلك - والله أعلم - إلى ما يصيب من يتنبه لأمر غفل عنه غيره، أو ظن أن غيره قد غفل عنه من العجب والفرح. وللعجب والفرح أخذة كأخذة السحر، فيأخذ بإيراد الأدلة والحجج على أهمية ما اهتدى إليه، وأنه لا يمكن أن يفهم القرآن إلا بهذه الطريقة.

ولا شك أن هذا من المبالغة التي يجب أن تجتنب، فالتفسير الموضوعي مهم، وله جوانب في غاية النفع والفائدة، ولكنه لا يستغني عن التفسير التحليلي بحال. بل هو قائم عليه، ومرحلة تالية له. والتفسير التحليلي هو الذي يتم به بيان المراد من كلام الله تعالى. ولكن عندما تجتمع الآيات المتعلقة بموضوع واحد أمام نظر الباحث، فإنه يظهر له من الهدايات، والقواعد، والفوائد ما لم يكن مهتدياً إليه دون هذه الطريقة، وهناك العديد من الدراسات الجادة في التفسير الموضوعي التي تناولت مسائل في غاية الأهمية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير