وأما تسمية التفسير الموضوعي بهذه الاسم فهذه مسألة تختلف فيها وجهات النظر، وهو مصطلح حادث يمكن التفاهم حوله. وأرجو أن لا يكون هناك مشاحة في الاصطلاح إذا عرف المقصود منه، ولم يحمَّل من اللوازم ما لا يحتمل. فهو مصطلح معاصر، والبحث فيه دفعت إليه حاجات البحث، وحاجات الأمة المسلمة في وقتها الحاضر، ويقظة المسلمين بعد الغفلة دعتهم للعودة إلى القرآن الكريم، والحرص على الانطلاق منه في كل أمر، حتى في مسائل اللغة والصواب اللغوي، فقد ظهرت ولا زالت كثير من الأصوات التي تدعو إلى عودة الناس إلى المصطلح القرآني ونبذ المصطلحات الدخيلة على لغتنا.
فالعلاقة إذا بين التفسير التحليلي والتفسير الموضوعي علاقة تكامل، ولا غنى للباحث في التفسير الموضوعي عن تفسير السلف، والسير على منهج المفسرين في فهم كلام الله. إلا أنه بعد ذلك يبدأ في جمع الآيات، والمقارنة بينها، للخروج بعد ذلك بقواعد وأصول في الموضوع الذي تناوله القرآن الكريم في أكثر من موضع. ولذلك سمى بعض الباحثين التفسير التحليلي (بالتفسير الموضعي). لأن المفسر يفسر الآيات في موضع واحد لا يتعداه حتى ينتهي من الكلام عليه، ثم ينتقل إلى ما بعده، وهكذا. بخلاف التفسير الموضوعي الذي يجمع الآيات المتفرقة في الموضوع الواحد.
وأخيراً فإن ما طرحه الدكتور مساعد الطيار هنا مسألة في غاية الأهمية للمهتمين بالتفسير الموضوعي، والمؤلفين فيه، جديرة بالوقوف والتباحث حول كيفية تصحيح مسار الدراسات في التفسير الموضوعي. وهي مسائل قل من يتنبه لها عند مناقشة مسائل التفسير الموضوعي، ولم يتعرض لها أحد ممن قرأت كتبه، وكل ما طبع في التفسير الموضوعي من الناحية التاصيلية موجود لدي. فلست أرى إلا أخذاً للاحق من السابق، حتى التعريف الذي يوردونه للمصطلح يكاد كل باحث ينفرد بتعريف خاص، بتغيير يسير في بعض العبارات التي يرى أنها أدل على المراد.
وأرجو من كافة الإخوة الذين كانت بحوثهم ودراساتهم في التفسير الموضوع أن يناقشوا هذه المسائل التي طرحها الدكتور مساعد الطيار بما يتبين لهم فيها من رأي. ولا سيما أن كثيراً من المتخصصين يرى أهميته، ويوصي طلابه بالبحث فيه كالدكتور الجليل ناصر العمر وفقه الله فهو من المهتمين بهذا اللون من التفسير، وله في ذلك مؤلفات، وأرجو أن تصله رغبتنا في المشاركة في هذا الموضوع.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[أبو خالد، وليد العُمري]ــــــــ[01 Jul 2003, 12:44 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد أتحفنا – كعادته – الدكتور مساعد – وفقه الله – في طرح موضوعه حول مصطلح التفسير الموضوعي.
إلا أن لي وقفة يسيرة مع ما طرحه الشيخ الدكتور مساعد الطيار – وفقنا الله جميعًا لكل خير-!
ينبغي أن يُعلم أن التفسير بجميع أشكاله، وصوره، وطرقه متى ما سلم من الانحراف في الاستدلال بالقرآن العظيم على قضاياه؛ فهو حق، وهداية، ورشاد؛ كما أخبر الله عز وجل بقوله: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم}.
فهداياته لا تقف عند صورة من صور التفسير، ولا شكل من أشكاله، فهو هداية الله تعالى للثقلين، وهو مخرج الأمة مما تكابده من ضلالات وظلمات، ومشكلات، سواء كان ببيان معانيه التي لا يُفهم المراد إلا ببيانها، أو كان باستثارة دلالات ألفاظه، وما توحيه من الهدايات.
فقول الشيخ حفظه الله- على لسان المتبنين لهذا النوع من التفسير:" وأن العصر بحاجة إلى تجديد الطريقة في عرض التفسير، وقد زعم بعضهم أن التفسير الموضوعي هو الذي يمكنه حلُّ المشكلات، والإجابة عن المعضلات، وأنه الأنسب إلى أسلوب العصر " ثم قوله:" وهذا ضرب من القول لا برهان له"= يناقض ما سلف بيانه.
إلا أنه لا شك في خطأ من حاول التهوين من شأن التفسير التحليلي، أو الموضعي؛ لأنه لا يمكن أن تُستنبط هدايات، ودلالات القرآن على الموضوعات إلا بفهم معاني ألفاظه، ودلالاتها.
والظاهر أن من نُقلت بعض نصوصهم يريدون بيان مناسبة التفسير الموضوعي لأبناء هذا العصر؛ لشغفهم بكل جديد، ولأن التفسير الموضوعي تغلب على أطروحاته الناحية التجديدية التي أُغرم بها أبناء عصرنا.
¥