تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأقدم من رأيته نص على كون هذه الأربعة هي التفسير بالمأثور الشيخ محمد بن عبد العظيم الزرقاني (ت:)، حيث ذكر تحت موضوع (التفسير بالمأثور) ما يأتي:» هو ما جاء في القرآن أو السنة أو كلام الصحابة تبياناً لمراد الله من كتابه «().

ثم جاء بعده الشيخ محمد حسين الذهبي (ت: 1397)، فذكر هذه الأنواع الأربعة تحت مصطلح (التفسير المأثور)، فقال:» يشمل التفسير المأثور: ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما نُقلَ عن الرسول ?، وما نُقلَ عن الصحابة رضوان الله عليهم، وما نُقِلَ عن التابعين، من كل ما هو بيان وتوضيح لمراد الله تعالى من نصوص كتابه الكريم «().

ثمَّ تتابع بعض المعاصرين على هذا المصطلحِ بتقسيماته الأربعة. لذا فإنَّ كثرة وجوده في كتب علوم القرآن المعاصرة، أو غيرها من كتب مناهج المفسرين، أو مقدمات بعض المحققين لبعضِ التفاسير () = لا يعني صحَّته على الإطلاق، بل هؤلاء نقلوه عن كتاب ((التفسير والمفسرون)) بلا تحرير ولا تأمُّلٍ فيه، إلا القليل منهم.

2 ـ أن المعروف من لفظة مأثور: ما أُثرَ عن السابقين، وتحديد زمنٍ معيَّنٍ إنما هو اصطلاحٌ. وإذا كان ذلك كذلك؛ فكيف يكون تفسير القرآن بالقرآن مأثورًا، وأنت ترى الله يَمُنُّ عليك بتفسير آيةٍ بآيةٍ، فعن من أثرته؟!

عن من أَثَرَ ابن كثيرٍ (ت: 774) تفسيراتِه القرآنيةِ للقرآنِ؟! وكذا محمد الأمين الشنقيطيُّ (ت: 1393) في كتابه أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، عمَّن أَثَرَ تفسيراتِه القرآنيةِ للقرآنِ؟!

وإذا كان ذلك واضحًا لك، فكيف يكون اجتهاد المتأخرين والمعاصرين وأهل البدع الذين يحملون بعض الآي على بعضٍ و يفسِّرونها بها، كيف يدخل كلُّ هذا في المأثورِ عن الصحابة والتابعين؟!

لا شكَّ أن حمل معنى آية على آية هو من اجتهاد المفسِّر، سواءً أكان المفسر من الصحابة، أم كان من التابعين، أم كان ممن جاء بعدهم، والاجتهاد عرضة للخطأ، ويوزن بميزانٍ علميٍّ معروفٍ، ولا يقبل إلاَّ إذا حَفَّتْ به شرائطُ القبولِ، كأيِّ اجتهادٍ علميٍّ آخر ().

ومن هنا يجب أن تُفَرِّقَ بين كون القرآن مصدرًا من مصادر التفسير، أو أنه أحسن طرق التفسير، وبين كون التفسير به يُعدُّ من التفسير بالمأثور، والفرق بين هذين واضحٌ.

3 ـ أين يقع تفسير أتباع التَّابعين في هذين المصطلحين، وما علَّةُ جعلِه مأثورًا أو غير مأثورٍ عند هؤلاء؟

لقد عَلَّلَ محمد حسين الذهبي (ت: 1397) لسبب إدخال تفسير التَّابعين في المأثور، فقال:» وإنما أدرجنا في التفسير المأثور ما رُوي عن التابعين ـ وإن كان فيه خلاف: هل هو من قبيل المأثور أو من قبيل الرَّأي؟ () ـ لأننا وجدنا كتب التفسير المأثور ـ كتفسير ابن جرير وغيره ـ لم تقتصر على ما ذكر مما روي عن النبي ? وما روي عن الصحابة، بل ضمَّنت ذلك ما نقل عن التابعين في التفسير «().

وإذا تأمَّلت هذه العلَّة التي ذكرها، وجدتها أنها تندرج على مفسِّري أتباع التابعين الذين ترى أقوالهم منثورةً في كتب التفسير التي تُعنى بنقل أقوال مفسري السلف ـ كتفسير الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما ـ بل قد لا يوجدُ في مقطع من مقاطع الآية إلا تفسيرُهم، فَلِمَ لمْ يعُدَّها من التفسيرِ بالمأثورِ؟!.

4ـ أن بيان أصل الخلطِ في هذا المصطلحِ يدلُّ على عدمِ تحريره وصحَّته، فقد كان أصل النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728) في حديثه عن أحسن طرق التفسير، وهي تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة، ثم بأقوال التابعين ().

ومما يبيِّنُ أنهم اعتمدوا على ما قاله شيخ الإسلام ابن تيميَّةَ (ت: 728) وغيَّرُوا المصطلحَ من طرق التفسيرِ إلى التفسيرِ بالمأثور أنهم حكوا الخلاف في كونِ تفسير التابعين يُعَدُّ من التفسيرِ بالمأثورِ أو لا يُعدُّ، قال الزرقانيُّ (ت:):» وأمَّا ما ينقل عن التابعين ففيه خلاف بين العلماء: منهم من اعتبره من المأثور؛ لأنهم تلقوه من الصحابة غالبا، ومنهم من قال: إنه من التفسير بالرأي «().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير