وذكر ابن عبد البر عن علي قوله: "أعزم على كل من كان عنده كتاب إلاّ رجع فمحاه؛ فإنما هلك الناس حيث يتبعون أحاديث علمائهم وتركوا كتاب ربهم"، وذكر عن عمر: "أن قوماً كانوا يكتبون كتباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب ربهم" (26)، نقل ابن القيم عن الإمام البخاري قوله: "كان الصحابة إذا جلسوا يتذاكرون كتاب ربهم وسنةَ نبيهم، ولم يكن بينهم رأي ولا قياس، ولم يكن الأمر بينهم كما هو في المتأخرين: قوم يقرؤون القرآن ولا يفهمونه، وآخرون يتفقهون في كلام غيرهم ويدرسونه، وآخرون يشتغلون في علوم أخرى وصنعة اصطلاحية، بل كان القرآن عندهم هو العلم الذي به يعتنون حفظاً وفهماً وتفقهاً" (27).
ما أشبه الليلة بالبارحة! والقصة نفسها تتكرر في بعض طلبة هذا الزمن؛ إذ يهجرون حفظ القرآن وفهمه وتفسيره والتفقه فيه إلى كتب فلان وفلان، وإنك لتعجب من بعضهم؛ إذ انحرف في الطلب، فتجده لا يحفظ من القرآن إلا قصار السور ونحوها ولا يفهمها، وتجد له جرأة عجيبة على اقتحام علم الجرح والتعديل ونحوه؛ فمثل هذا وأمثاله لم يستوعب التصور الصحيح لمنهج التربية والتعليم الذي رسمه القرآن وبيَّنه.
فليزن طلاب علم هذا الزمن تعليمهم بهذا المنهج الذي رسمه القرآن وفعله السلف، ولينظروا أين مكانهم من فهم القرآن والتفقه فيه، وما حظهم من هدايته؟
الهوامش:
(1) التفسير الكبير، 6/ 71.
(2) رواه مسلم (2699).
(3) الجامع للقرطبي، 1/ 91.
(4) تفسير ابن كثير، 1/ 175، الرازي 2/ 36.
(5) الجامع للقرطبي، 1/ 92.
(6) تفسير ابن كثير، 1/ 175.
(7) الإتقان، 2/ 389، التفسير الكبير، 2/ 132.
(8) جامع البيان، 1/ 35.
(9) التفسيرالكبير، 2/ 132.
(10) الصواعق المرسلة، 440.
(11) التفسير الكبير، 2/ 104، 253، الصواعق، 440.
(12) ابن كثير، 1/ 405، القرطبي، 2/ 115.
(13) تفسير الرازي، 4/ 123.
(14) تفسير المنار، 3/ 348.
(15) الصواعق المرسلة، 441.
(16) الإتقان، 2/ 385، ابن كثير، 1/ 345.
(17) رواه أحمد، ح/ 16546.
(18) تفسير ابن كثير، 4/ 33.
(19) الجامع للقرطبي، 2/ 300.
(20) جامع البيان، 1/ 35.
(21) تفسير ابن كثير، 3/ 349، تفسير ابن القيم، 3/ 292.
(22) التفسير الكبير، 6/ 71.
(23) تفسير ابن كثير، 4/ 36.
(24) الجامع، 1/ 30، فتح القدير، 1/ 14.
(25) المحدث الفاصل، 203.
(26) جامع بيان العلم، 1/ 76،77.
(27) أفردنا هذا الموضوع في بحث مستقل سبق أن نشرته مجلة البيان في العدد (133).
Cd مجلة البيان مقال للكاتب أحمد بن شرشال
انظره هنا ( http://www.islamselect.com/conts/tafsear_oloomqoran/fhmalgoraanwatdabboroh.htm)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 May 2003, 10:18 ص]ـ
بسم الله
هذا كلام جيد، فيه تنبيهات مهمة للشيخ محمد الشنقيطي في أضرب التفسير وأنواعه، ذكره عند شرحه لأحاديث سنن الترمذي، أحببت ذكره هنا لتعم الفائدة.
قال وفقه الله تعالى: [وعند العلماء-رحمهم الله- أن تفسير القرآن على أضرب:
الضرب الأول: تفسير القرآن بالقرآن.
والضرب الثاني: أن يفسر القرآن بسنة النبي-صلى الله عليه وسلم- الصحيحة الثابتة عنه.
الضرب الثالث: أن يفسر القرآن بلغة العرب ولسانهم.
الضرب الرابع: أن يفسر بالرأي الصحيح المستند إلى أصول الشريعة.
فهذه أربعة أضرب لتفسير القرآن أولها وأعلاها تفسير القرآن بالقرآن؛ لأن الله-تعالى- يقول: (كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) قالوا كتاباً متشابهاً أي يشبه بعضه بعضاً ويفسر بعضه بعضاً على أحد الأوجه في تفسير هذه الآية الكريمة فلما قال الله: (كِتَاباً مُتَشَابِهاً) أي أن الآيات يشبه بعضها بعضاً ويفسر بعضها المراد من البعض الآخر، وهذا التفسير تفسير القرآن بالقرآن يأتي على صور تارةً يكون التفسير مباشراً فيذكر المجمل ثم من بعده المبين وتذكر الآية المحتاج إلى تفسيرها ثم يأتي التفسير من الله- صلى الله عليه وسلم - لتلك الآية الكريمة ومن أمثلته قوله-تعالى-: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ. الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ففسر من هم المتقون فذكر من صفاتهم الإيمان بالغيب وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فهذا من تفسير القرآن بالقرآن عقيب ذكر الآية المحتاج إلى
¥