تفسيرها، وكذلك - أيضاً - من أمثلته قوله-تعالى-: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ. نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ) وكذلك قوله-تعالى-: (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَه. نَارٌ حَامِيَةٌ) ... فهذا من تفسير القرآن بالقرآن ويكون عقيب الآية.
وقد يأتي التفسير في موضع آخر وله أمثله كثيرة بمعنى أن تأتي الآية في موضع مجملة ثم تأتي مفسرة في موضع منها الزكاة مثلاً لما ذكر الله (وَآتُوا الزَّكَاةَ)، ذكر الزكاة أمراً ... ثم بين ضرب من أضرب الزكاة وهو زكاة الخارج من الأرض في قوله-تعالى-: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِه) فبين أن من أصناف الزكاة الخارج من الأرض من الحبوب والثمار أنها تزكى ولها أمثلة كثيرة في القرآن في المواضع المختلفة.
والضرب الثاني: تفسير السُّنة للقرآن أن يأتي إجمال في كتاب الله- صلى الله عليه وسلم - ثم تأتي السُّنة تبين هذا الإجمال وهذا نظائره كثيرة وأمثلته مشهورة.
والدليل على إثبات هذا النوع: قوله-تعالى-: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم)، (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ) هو السُّنة (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم) وهو القرآن فالسُّنة تفسر القرآن والدليل على ذلك: أن الله أمر بالصلاة فلم يبين عدد ركعاتها ولا مواقيتها تفصيلاً فجاءت السُّنة وبينت هذه الصلاة بينت شروطها وأركانها وواجباتها، وكذلك - أيضاً - أمر الله- U- بالزكاة فجاءت السُّنة مبينة كيف تكون الزكاة من اشتراط الحول فيما يشترط فيه الحول وبلوغ النصاب، وكذلك أمر الله بالصوم فبين النبي- صلى الله عليه وسلم - جملة من أحكام الصوم وما ينبغي الإمساك عنه.
كذلك - أيضاً - أمر الله بالحج وجاء مجملاً وبين الله بعضه ثم فسرت السُّنة البعض الآخر فاشترك تفسير القرآن والسُّنة ومن ذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: ((خذوا عني مناسككم)) فبين الحج-صلوات الله وسلامه عليه- فهذا من تفسير القرآن بالسُّنة،ويشترط فيه ثبوت الخبر وصحته عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فلا يفسر كتاب الله بالأحاديث الضعيفة والموضوعة والمكذوبة.
كذلك - أيضاً يفسر القرآن بلغة العرب قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إن في القرآن ما لا يعرفه إلا العرب قال: ما كنت أعلم قول الله- تعالى-: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْض) حتى اختصم إليَّ رجلان في بئر فقال أحدهما: إني فطرتها يعني حفرتها فعلم أن قوله-تعالى-: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْض) أي خالق السموات والأرض وموجِدُها، وهذا التفسير تفسير بلغة العرب؛ لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين والله-تعالى- أشار إلى ذلك.
فاللغة العربية هي سلاح المفسر الذي يتسلح به في معرفة دلالات القرآن ومعاني القرآن ومغازي القرآن؛ فللقرآن معانٍ ظاهرة ومعانٍ يكنى بها كما قال-تعالى-: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ) قال ابن عباس-رضي الله عنه-: " إن الله يكني "، (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنّ) ليس المراد مجرد المس؛ وإنما هو معاني جميلة جليلة روعي فيها أدب الكلام وأدب الخطاب وجاءت على أتم وأكمل ما يكون به الكلام (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ).
فهذه الأسرار والمعاني لا يمكن أن تعرف إلا في لسان العرب، ومن أُوتي اللسان واللغة فقد أوتي مفتاحاً من مفاتيح القرآن ويفهم بها معاني القرآن.
وأما النوع الرابع وهو: التفسير بالرأي، الرأي: رأيان في شريعة الله-عز وجل-:
الأول: رأي محمود مأجور صاحبه غير مأزور.
الثاني: رأي مذموم صاحبه صاحب هوى مسلوب الرضا منتكس الفطرة-والعياذ بالله-.
¥