تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن كون الإسرائيليات مصدرًا يستفيد منه المفسر في حال بيان معنى كلام الله لا يعني أن تقبلَ كلَّ ما يُفسَّر به هذا من طريق هذا المصدر، فهذه الإسرائيليات كالتفسير باللغة، وليس كل ما فسِّر به من جهة اللغة يكون صحيحًا، وكذلك الحال هنا.

ولما كان التفسير بالرأي قد يقع في ربط آية بآية، وربط حديث بآية، فكذلك يقع بربط قصة إسرائيلية بآية، مع ملاحظة الفرق بين هذه المصادر من جهة قوة الاعتماد عليه، والوثوق به من حيث هو، لا من حيث الربط الذي يكون بالاجتهاد، والاجتهاد قد لا يصح ولو كان من باب تفسير آية بآية.

وإذا كان المراد بالتفسير بيان المعنى، فاعتبر الإسرائيلية مثالاً في التفسير لبيان المعنى، وليست حاكمة على النص القرآني، ولا قاطعةً بهذا المعنى دون غيره من المعاني المحتملة، ولست ملزمًا بقبولها.

ولاحظ أن بعض الآية التي فُسِّرت بالإسرائيليات معروفة المعنى على جهة الإجمال، والمراد بها واضح لا لبس فيه، لكن يقع المراد بتعيين هذا المجمل، هل هو ما جاء في القصة الإسرائيلية، أو هو غير ذلك.

وإذا جعلت نظرك إلى أصل القصة دون تفاصيلها التي لا يمكن أن تضبط من طريق الإسرائيليات، واعتبرت هذا الجزء الجملي فيها، وجعلته مما يوضح معنى الآية، كما يمكن أن توضحه بأي قصة أخرى ترد عليك، فإنك تسلم من إشكالية القول بالاعتماد على الإسرائيليات، وإني لأرجو أن يكون هذا هو منهج السلف في هذه الإسرائيليات، وأنهم يستشهدون بها، ولا يعتمدون عليها، والله أعلم.

ولأضرب لك مثالاً يُحتذى، وهو ما ورد في تفسير قوله تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ) [ص: 34].

قال ابن كثير:» قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وغيرهم يعني شيطانا ثم أناب أي رجع إلى ملكه وسلطانه وأبهته قال ابن جرير وكان اسم ذلك الشيطان صخرا قاله ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة وقيل آصف قاله مجاهد وقيل صرد قاله مجاهد أيضا وقيل حقيق قاله السدي وقد ذكروا القصة مبسوطة ومختصرة «. تفسير ابن كثير ج: 4 ص: 35

ثم ذكر القصة عن بعض السلف، ثم قال:» وأرى هذه كلها من الإسرائيليات، ومن أنكرها ما قاله ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا محمد بن العلاء وعثمان بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالوا حدثنا أبو معاوية أخبرنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (وألقينا علىكرسيه جسدا ثم أناب) قال أراد سليمان عليه الصلاة والسلام أن يدخل الخلاء فأعطى الجرادة خاتمه وكانت الجرادة امرأته وكانت أحب نسائه إليه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها هاتي خاتمي فأعطته إياه فلما لبسه دانت له الإنس والجن والشياطين فلما خرج سليمان عليه السلام من الخلاء قال لها هاتي خاتمي قالت قد أعطيته سليمان قال أنا سليمان قالت كذبت ما انت بسليمان فجعل لا يأتي أحدا يقول له أنا سليمان إلا كذبه حتى جعل الصبيان يرمونه بالحجارة فلما / رأى ذلك سليمان عرف أنه من أمر الله عز وجل قال وقام الشيطان يحكم بين الناس فلما أراد الله تبارك وتعالى أن يرد على سليمان سلطانه ألقى في قلوب الناس إنكار ذلك الشيطان قال فأرسلوا إلى نساء سليمان فقالوا لهن تنكرن من سليمان شيئا قلن نعم إنه يأتينا ونحن نحيض وما كان يأتينا قبل ذلك فلما رأى الشيطان أنه قد فطن له ظن أن أمره قد انقطع فكتبوا كتبا فيها سحر وكفر فدفنوها تحت كرسي سليمان ثم أثاروها وقرءوها على الناس وقالوا بهذا كان يظهر سليمان على الناس ويغلبهم فأكفر الناس سليمان عليه الصلاة والسلام فلم يزالوا يكفرونه وبعث ذلك الشيطان بالخاتم فطرحه في البحر فتلقته سمكة فأخذته وكان سليمان عليه السلام يحمل على شط البحر بالأجر فجاء رجل فاشترى سمكا فيه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فدعا سليمان عليه الصلاة والسلام فقال تحمل لي هذا السمك فقال نعم قال بكم قال بسمكة من هذا السمك قال فحمل سليمان عليه الصلاة والسلام السمك ثم انطلق به إلى منزله فلما انتهى الرجل إلى بابه أعطاه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فأخذها سليمان عليه الصلاة والسلام فشق بطنها فإذا الخاتم في جوفها فأخذه فلبسه قال فلما لبسه دانت له الجن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير