تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد نفى كثير من العلماء الأجلاء أن يكون في القرآن الكريم شيء من غير هذا الطريق (طريق الوحي الجلي) كالوحي عن طريق الإلهام أو المنام، أو التكليم المباشر.

ومن هؤلاء العلماء الإمام السيوطي، فعند حديثه عن الكيفية الخامسة للوحي وهي أن يكلمه الله إمَّا في اليقظة، كما في ليلة الإسراء أو في المنام كما في حديث معاذ {أتاني ربي فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى ... } [حديث اختصام الملأ الأعلى أخرجه الترمذي رقم [3233] في تفسير سورة ص%، وأحمد في المسند 5/ 243، من حديث معاذ بن جبل، وقال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال: حسن صحيح.] الحديث قال: (وليس في القرآن من هذا النوع شيء فيما أعلم) (انظر: الإتقان 1/ 142، 143.).) [من كتاب القرآن المبين وكيف نزل به الروح الأمين للدكتور محمد بحيرى إبراهيم ص 40، 41 بتصرف.] ا هـ.

والذي تدل عليه الأدلة أيضاً أن القرآن الكريم كله نزل في الحالة الأولى وهي الحالة التي يكون فيها جبريل على ملكيته، ويأتي الوحي فيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم في مثل صلصلة الجرس.

وهذا ما رجحه الشيخ المحقق محمد أبو شهبة - رحمه الله - حيث قال: (والذي نقطع به - والله أعلم - أن القرآن الكريم كله نزل في الحالة الأولى، وهي الحالة التي يكون فيها جبريل على ملكيته، وتحول النبي r من البشرية إلى الملائكية، وهذا هو الذي يليق بالقرآن الكريم، ونفى أي احتمال أو تلبيس في تلقيه.

ولم أقف على رواية تفيد نزول شيء من القرآن عن طريق جبريل وهو في صورة رجل، وكل ما جاء من ذلك في الأحاديث الصحاح كحديث جبريل المشهور وسؤاله النبي r عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشراطها، فإنَّما هو في وحي السنة لا في وحي القرآن ... .

وأيضاً فلو أنزل شيء من القرآن في الحالة الثانية وهي مجيء جبريل في صورة رجل لكان هذا مثاراً للشك والتلبيس على ضعفاء الإيمان، ولكان فيه مستند للمشركين في قولهم: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: 103] (المدخل لدراسة القرآن الكريم لمحمد أبي شهبة ص 60 - 61 باختصار.).

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 Apr 2003, 09:58 م]ـ

الوحي - بمعنى اسم المفعول - وهو ما أنزله الله على أنبيائه وعرّفهم به من أنباء الغيب والشرائع والحكم - ينقسم إلى قسمين كما يفهم ذلك من كلام ابن عبدالبر:

أحدهما: ما يُتلى، وهو القرآن.

والثاني: ما لايُتلى، وهو السنة.

قال ابن عبد البر- رحمه الله -: (وفي قوله - عليه السلام -: {كذلك قال لي جبريل} دليلٌ على أن من الوحي ما يُتلى وما لايُتلى، وما هو قرآن، وما ليس بقرآن).

ومن هنا نعلم أن الذين عرّفوا الوحي - عندما يطلق ويراد به الموحَى - بأنه كلام الله المنزل على نبي من أنبيائه. [انظر: مباحث في علوم القرآن لمناع القطان ص 33]، قد قصروا الوحي على أحد القسمين، وهو كلام الله الذي يُتلى، وهذا نقص في التعريف؛ ولذلك فإن التعريف المختار للوحي في الشرع - عندما يطلق ويراد به اسم المفعول (الموحى) - هو أنه ما أنزله على أنبيائه وعرّفهم به من أنباء الغيب والشرائع والحكم. [المدخل لدراسة القرآن الكريم للشيخ محمد أبو شهبة ص 79.]

وهذا التعريف بلا شك يشمل القسمين ما يُتلى، وما لايتلى.

وأوضح دليل على أن ما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم مِمَّا ليس بقرآن يعتبر وحياً قوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].

قال القرطبي: (وفيها أيضاً دلالة على أن السنة كالوحي المنزل في العمل، وقد تقدّم في مقدمة الكتاب حديث المقداد بن معدي كرب في ذلك والحمد لله). [تفسير القرطبي 17/ 15.]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير