ومن يتأمل أسماء هذه الكتب، وتلك المسائل التي تعرض لها في هذه المصنفات، لا ينقضي عجبه من سعة علم هذا العالم، ودقة نظره، وبعد غوره رحمه الله. وعسى أن يقيض الله لهذه الكتب التي لم تطبع بعد من يخرجها للناس لنتفعوا بها فما أظنها إلا بديعة كالتي طبعت. فكل الكتب التي طبعت له إلى الآن لا تخلو من إبداع ومتانة في الطرح في غالبها.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Apr 2003, 01:13 م]ـ
http://www.tafsir.net/images/emaaan.jpg
خلاصة كتاب إمعان في أقسام القرآن:
1 - أن القسم إذا كان مجرداً عن المقسم به – لأنه ليس من لوازمه – فإنما يراد به تأكيد قول أو إظهار عزم وصريمة.
2 - أما إذا أقسم بشيء فإن المقصود هو الإشهاد، حتى في الأيمان الدينية، وإنما اختلط به معنى التعظيم من جهة المقسم به لا من جهة أصل معنى القسم.
3 - وربما يكون القسم لمحض الاستدلال.
4 - أما أقسام القرآن فليست إلا للاستدلال والاستشهاد بالآيات الدالة.
ولترى فائدة هذا البحث وأثرها العظيم في التفسير، يمكنك الرجوع إلى تفسير المؤلف للسور التي طبعت وهي: الذاريات، والمرسلات، والقيامة، والشمس، والتين، والعصر.
طبعات الكتاب:
وقد طبع هذا الكتاب عدة طبعات في مصر وفي الهند وفي الكويت، وكانت آخر طبعة له في دار القلم بدمشق عام 1415هـ وهي أجود الطبعات لهذا الكتاب. وقد قام بضبطه وتحقيقه الدكتور عبيدالله الفراهي.وقدم له بتعريف بديع الشيخ العلامة أبي الحسن علي الحسني الندوي رحمه الله، وترجم له ترجمة حافلة السيد سليمان الندوي رحمه الله. ومن ترجمته نقلت هذه الترجمة.
مقتطفات من الكتاب:
1 - لايخفى عليك مما سبق من أقوال العلماء رحمهم الله أن أحسنهم قولاً من يقول إن هذه الأقسام دلالات. ولكن الغمة التي لم تنجل عنهم، والمضيق الذي لم يخرجوا منه هو ظنهم بكون القسم مشتملاً على تعظيم المقسم به لا محالة. وذلك هو الظن الباطل الذي صار حجاباً على فهم أقسام القرآن، ومنشأ للشبهات. فنبطله أولاً حتى يتبين أن أصل القسم ليس في شيء من التعظيم، وإنما يفهم من بعض أقسامه.
2 - دُعينا إلى أن نبحث عن تاريخ القسم وحاجة الناس إليه قديماً وحديثاً وطرقه المتنوعة، ونبين معاني كلمات القسم ومفهومه الأصلي ومفاهيمه المتشعبة الثلاثة من الإكرام والتقديس والاستدلال المجرد عن التعظيم.
3 - وذلك لأن القسم ليس إلا التأكيد، ولا تحتاج إلى تقدير المقسم به في كل موضع. وعلى هذا الأصل كل ما ترى في القرآن من لام اليمين، وإذا جاءت قبلها كلمة تدل على اليقين والجزم كانت مشابهة بكلمة القسم.
4 - فكل ما ذكرنا من طريق اليمين والحلف وتعبيراته يدلك على أن المقسم به ليس من لوازم القسم حتى تقدره كلما لم يذكر، إنما أرادوا بالقسم تأكيداً محضاً للقول أو إظهار عزم وصريمة ألزموا به على أنفسهم فعلاً أو ترك فعل.
5 - فأما معنى تعظيم المقسم به فذلك مما انضم به في بعض الأحوال فهو من عوارض القسم.
6 - وبعدما علمت حقيقة القسم وأصل مفهومه نذكر لك المفاهيم التي هي فروع على الأصل، وهي الإكرام والتقديس والاستدلال، ونذكرها بالترتيب لتفهم وجوهها وتميز بين معانيها، حتى يسهل لك النظر في أقسام القرآن، فتعرفها على وجهها، وتكون على بصيرة في تأويلها.
7 - وجملة الكلام أن الأيمان الدينية أيضاً أصلها الإشهاد. وإنما اختلط بها معنى التعظيم من جهة المقسم به، لامن جهة محض الإشهاد الذي هو أظهر معنى القسم بالشيء.
ويتضح هذا الأمر من نوع آخر من أقسامهم التي أشهدوا فيها بالمقسم به على وجه الاستدلال لا غير. وهو مسلك لطيف من البلاغة.
8 - من أهم فصول الكتاب: (15) الأدلة المأخوذة من نفس القرآن على ما فيه من الأقسام الاستدلالية.
9 - والقرآن صرح بذلك وندب إلى التفكر والتدبر فيها. بل صرح بأنها لا يفهمها إلا العاقلون المتقون، كما جاء كثيراً في القرآن والصحف الأولى. ومع ذلك لا نشك في أنها دلائل قاطعة وحجج ساطعة. فهذا التحري هو الخطوة الأولى للتأمل وإعمال العقل حتى تنحل الإشكالات ويطمئن القلب بعد العلم. وإني بحمد الله تعالى لم أطمئن لهذا الرأي إلا بعد أن تأملت في جميع أقسام القرآن، حتى تبين لي أنها دلائل. ولم يدلني عليه إلا القرآن من وجوه عديدة كما مر ذكرها آنفاً.
¥