تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والقسم الرابع: وهو ما كان من المسكوت عنه، ولا تحيله العقول السليمة، ولا يغلب على الظنون كذبه، فيجب في مثل هذا التوقف، فلا يحكم عليه بصدق أو كذب، وعلى هذا القسم ينزَّل قول النبي r: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا .. " ().

قال الحافظ ابن حجر: أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملاً لئلا يكون في نفس الأمر صدقاً فتكذبوه، أو كذباً فتصدقوه، فتقعوا في الحرج، ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه ولا عن تصديقهم، فيما ورد شرعنا بوفاقه، نبه على ذلك الشافعي رحمه الله. اهـ ()

وقال الحافظ ابن كثير في قول النبي r: " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج": هذا محمول على الإسرائيليات والمسكوت عنها عندنا، فليس عندنا ما يصدقها ولا ما يكذبها فيجوز روايتها للاعتبار. اهـ ()

وهذا القسم أكثر الأقسام ذِكراً في كتب التفسير، وغالبه في تحديد مبهمات لا فائدة للأمة في تحديدها، كأسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، ومكان الكهف، وكم عدد الدراهم التي اشتُرِي بها يوسف، عليه السلام، أما ما تحتاجه الأمة فقد بين لنا رسولنا r، وشرحه، وأوضحه، عرفه من عرفه، وجهله من جهله ().

فإذا كان حكم هذا النوع هو التوقف في التصديق والتكذيب؛ فلا يصح تفسير كلام الله بأمور مشكوك في صدقها وكذبها؛ فلربما حُملت الآية عليها فكانت كذباً فيكون قد فسر كلام الله تعالى بالكذب حقيقة، أو يكون قد خُولف أمر النبي r وذلك باعتقادنا صدق هذه الإسرائيليات، وأي تصديق لها أعظم من جعلها بياناً لمراد الله تعالى فيما أبهمه عن خلقه.

وكلا الأمرين باطل، فالقرآن حق ولا يحمل إلا على الحق، واعتقادنا في الإسرائيليات المسكوت عنها التوقف. فتعين صحة عدم تفسير آيات القرآن بهذه الإسرائيليات.

قال ابن كثير: "ليعلم أن أكثر ما يتحدثون به غالبه كذب وبهتان، لأنه قد دخله تحريف وتبديل، وتغيير وتأويل، وما أقل الصدق فيه، ثم ما أقل فائدة كثير منه لو كان صحيحاً" ().

قال العلامة عبدالرحمن السعدي: "واعلم أن كثيراً من المفسرين، رحمهم الله، قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل، ونزلوا عليها الآيات القرآنية وجعلوها تفسيراً لكتاب الله، محتجين بقوله r: " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج".

والذي أرى أنه، وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه، تكون مفردة غير مقرونة، ولا منزلة على كتاب الله، فإنه لا يجوز جعلها تفسيراً لكتاب الله قطعاً إذا لم تصح عن رسول الله r.

وذلك أن مرتبتها كما قال r: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم".

فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكاً فيها، وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه و معانيه.

فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة، التي يغلب على الظن كذبها، أو كذب أكثرها، معاني لكتاب الله، مقطوعاً بها، ولا يستريب بهذا أحد.

ولكن بسب الغفلة عن هذا، حصل ما حصل. والله الموفق" ().اهـ ()

انظر: مقدمة ابن كثير - قواعد الترجيح للحربي - التفسير والمفسرون - المقدمات الأساسية

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 May 2003, 09:53 ص]ـ

بسم الله

شكر الله للإخوة الذين كتبوا هذه المقتطفات القيمة، وأرغب في التأكيد على الأخ أبي بيان بأن يواصل تحرير مسائل هذا الموضوع بطريقته السابقة أو بأحسن منها، وله منا الدعاء والشكر.

والموضوع يحتاج إلى تأصيل أكثر مع الحرص على ربط التأصيل النظري بالأمثلة التطبيقية؛ لأن ذلك مما يعين على تحرير كثير من المسائل المتعلقة بهذا الموضوع.

ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 May 2003, 12:31 ص]ـ

الإخوة الفضلاء:

عبد الرحمن الشهري , خالد الباتلي , أبو مجاهد.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أشكركم جميعاً على حسن ظنكم بأخيكم الضعيف , وأخص بالشكر شيخنا الفاضل /د. مساعد الطيار - حفظه الله - على مشاركته بموضوعه

ولأخي الحبيب عبد الرحمن الشهري وفقه الله:

بالنسبة لكتاب الدكتورة آمال , فلم أطلع عليه , وآمل أن أحصل عليه قريباً.

ومنذ زمن وأنا أُطارح عدداً من المتخصصين مسألة أن يكون الصحابي من المشهورين بالأخذ عن أهل الكتاب , وأن هذه القضية غير منضبطة ولا دقيقة , وما ذكرتَه فائدة جليلة لم أطلع عليها من قبل , فجزاك الله خيراً منها.

وفي الحقيقة أنه واجهتني مشكلة أخرت هذا الموضوع كثيراً وهي:

محاولة جمع واستقصاء ما رواه الصحابة من الإسرائيليات , ثم استخلاص ما صح منها , ثم استخراج منهجهم وقواعدهم في التعامل معها.

وكما ترى فهذا موضوع يصلح رسالة ماجستير , (أو بحث ترقية على الأقل!!) , ونتيجة ذلك البحث تجيب على كل الأسئلة والإشكالات المتوقعة على هذا الموضوع.

ولكني آثرت طرح هذه الوقفات التي تعتبر مهاداً نظرياً عند النظر في الإسرائيليات على العموم.

ولأخي أبو مجاهد أسعده الله بأمنيته:

فهذا عذري كما رأيت , وسأجتهد إن شاء الله تعالى , في إضافة أي موضع تطبيقي يصلح شاهداً للموضوع مع توالي الأيام , وأرجوا أن تشاركني ذلك , وجميع الأحبة المهتمين.

ولأخي الفاضل خالد الباتلي وفقه الله:

فآمل ملاحظة ما يلي:

1 - التفريق بين حاجة التفسير إلى الإسرائيليات؛ واستفادته منها.

2 - التنبه إلى صنيع الصحابة رضي الله عنهم في ذلك , وأخذه بعين الاعتبار.

3 - التفريق بين < عدم صحة تفسير آيات القرآن بالإسرائيليات > كما ذكرتَ , و < ذكرها مع تفسير آيات القرآن لأغراض كثيرة لم تكن لتخفى على الصحابة ومن بعدهم من أئمة المفسرين.

وكل هذه النقاط سبقت في الوقفات , فأحسن الله لك المثوبة على إفادتك , وبارك الله في جميع الإخوة.

والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير