والوجه السابع: أن يكون الاختلاف بالزيادة والنقصان، نحو قوله تعالى: {وما عملت أيديهم} و {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} [يس: 35]، ونحو قوله: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} و {إن الغني الحميد} [لقمان: 26]. [هكذا في الكتاب المطبوع، ولعلها: {إن الله الغني الحميد}.]
وقرأ بعض السلف: {إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة أنثى} [ص 23] و {إن الساعة آتية أكاد أخفيها من نفسي فكيف أظهركم عليها} [طه: 15]). [من تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص 36 - 38.]
وأمَّا الثاني فهو لأبي الفضل الرازي، حيث ذكر في كتابه اللوامح - كما نقله عنه السيوطي في الإتقان - أن الكلام لايخرج عن سبعة أوجه في الاختلاف:
الأول: اختلاف الأسماء من إفراد وتثنية وجمع، وتذكير وتأنيث.
الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر.
الثالث: وجوه الإعراب.
الرابع: النقص والزيادة.
الخامس: التقديم والتأخير.
السادس: الإبدال.
السابع: اختلاف اللغات، كالفتح والإمالة، والترقيق، والتفخيم، والإدغام، والإظهار، ونحو ذلك. [انظر: الإتقان للسيوطي 1/ 147. وانظر الأمثلة على هذه الأوجه في كتاب الوافي في شرح الشاطبية للشيخ عبدالفتاح القاضي ص 5 - 7.]
وأمَّا الثالث فهو لابن الجزري، حيث قال: (ولازلت أستشكل هذا الحديث وأفكر فيه وأمعن النظر من نيف وثلاثين سنة، حتى فتح الله عليّ بما يُمكن أن يكون صواباً - إن شاء الله -، وذلك أني تتبعتُ القراءات صحيحها وشاذها وضعيفها ومنكرها، فإذا هو يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه من الاختلاف لايخرج عنها، وذلك: إمَّا في الحركات بلا تغيّر في المعنى والصورة، نحو {البُخْل} [النساء: 37] بأربعة و {يحسب} [الهمزة: 3] بوجهين.
أو بتغيّر في المعنى فقط، نحو: {فتلقى آدمَُ من ربه كلماتٌٍ} [البقرة: 37]، {وادّكر بعد أمة} [يوسف: 45] وأمَهٍ.
وإمَّا في الحروف بتغير المعنى لا الصورة نحو {تبلوا} و {تتلوا} [يونس: 30] و {نُنَجِّيك ببدنك لتكون لمن خلفك} و {ننجِّيك ببدنك} [يونس: 92] أو عكس ذلك نحو {بصطة} و {بسطة} [الأعراف: 69] و {الصراط} و {السراط} أو بتغيرهما نحو {أشد منكم، ومنهم} [التوبة 69، الزخرف: 43] و {يأتل} و {يتأل} [النور: 22] و {فامضوا إلى ذكر الله} و {فاسعوا} [الجمعة: 9].
وإمَّا في التقديم والتأخير، نحو {فيُقتلون ويَُقتلون} [التوبة: 111] و {جاءت سكرت الحق بالموت} [ق: 19].
أو في الزيادة والنقصان نحو {وأوصى، ووصى} [البقرة: 132] و {الذكر والأنثى} [الليل: 3].
فهذه سبعة أوجه لايخرج الاختلاف عنها، وأمَّا نحو اختلاف الإظهار والإدغام، والروم والإشمام، والتفخيم والترقيق، والمد والقصر والإمالة، والفتح، والتحقيق والتسهيل، والإبدال والنقل، مِمَّا يعبّر عنه بالأصول؛ فهذا ليس من الاختلاف الذي يتنوع فيه اللفظ والمعنى؛ لأن هذه الصفات المتنوعة في أدائه لاتخرجه عن أن يكون لفظاً واحداً، ولئن فرض فيكون من الأول) ا هـ. [النشر في القراءات العشر لابن الجزري 1/ 26، 27.]
فهذه أشهر آراء العلماء في هذا القول، وهي وإن كانت مقبولة، إلاَّ أن جعلها هي المراد بالأحرف السبعة لايُسلَّم، ولايَسْلم من اعتراضات وردود، أبرزها:
1) - أنها أقوال واجتهادات ليس عليها دليل، فلم يذكر القائلون بهذا القول دليلاً واحداً مأثوراً يدل على أن المراد بالأحرف السبعة هو ما ذهبوا إليه من هذه الوجوه إلاَّ التتبع الذي ذكره كل واحد منهم.
وهذا التتبع لايصلح أن يكون دليلاً على أن المراد بالأحرف السبعة هو الوجوه التي يرجع إليها اختلاف القراءات؛ لأنه تتبع مبني على استقراء ناقص، بدليل أن تتبعهم لهذه الوجوه التي ذكروها مختلف غير متفق، فمثلاً الوجه السابع الذي ذكره الرازي لم يذكره ابن قتيبة ولا ابن الجزري، بل إن ابن الجزري برّر إهماله مِمَّا يدل على أنه يُمكن الزيادة على سبعة.
¥