تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكذلك الوجه الأول عند الرازي، والثاني والسادس ترجع ثلاثتها إلى الوجه الخامس عند ابن الجزري؛ مِمَّا يدل على أن هذه الوجوه يُمكن أن يتداخل بعضها في بعض، وأن تعيينها إنَّما هو بطريق الاتفاق، لا الاستقراء الصحيح.

وعلى هذا يكون الحصر في الوجوه السبعة غير مجزوم به، ولا متعين، فهو مبني على الظن والتخمين.

2) - أن الغرض من إنزال القرآن على سبعة أحرف إنَّما هو رفع الحرج والمشقة، والتيسير والتسهيل على الأمة؛ والمشقّةُ غير ظاهرة في إبدال الفعل المبني للمعلوم بالفعل المبني للمجهول، أو العكس، ولا في إبدال فتحة بضمة، أو حرف بآخر، أو تقديم كلمة أو تأخيرها، أو زيادة كلمة ونقصان أخرى، فإن القراءة بإحداهما دون الأخرى لاتوجب مشقة يَسألُ النبي صلى الله عليه وسلم منها المعافاة، ويبيّن أن أمته لاتطيق ذلك، ويراجع لأجل رفعها جبريل مراراً، ويطلب التيسير، فيجاب بإبدال حركة بأخرى، أو تقديم كلمة وتأخير أخرى.

فالحق أنه مستبعد أن يكون هذا هو المراد بالأحرف السبعة.

وبعد هذا كله يتبيّن أن الرأي الذي اختاره ابن عبدالبر - رحمه الله - هو أقوى الآراء وأولاها بالصواب - إن شاء الله - وهو القول الذي رجحه إمام المفسرين ابن جرير الطبري - رحمه الله -، واختاره أكثر أهل العلم كما قال ذلك غير واحد من العلماء، منهم القرطبي، وابن كثير - رحمهما الله - فقد ذكر القرطبي في مقدمة تفسيره خمسة أقوال، فجعل القول الأول منها هذا القول الذي اختاره ابن عبدالبر، وقال: (وهو الذي عليه أكثر أهل العلم، كسفيان بن عيينة وعبد الله بن وهب والطبري والطحاوي، وغيرهم). [انظر: مقدمة تفسير القرطبي 1/ 42.]

ونقل كلامه هذا ابن كثير في كتاب فضائل القرآن. [كتاب فضائل القرآن لابن كثير ص 133.]

وقد اختاره من المتأخرين كل من الدكتور محمد محمد أبو شهبة في كتابه المدخل، والشيخ مناع القطان في كتابه نزول القرآن على سبعة أحرف، وأطالا في الاستدلال لصحته، ورد الاعتراضات الواردة عليه، وأكثر كلامهما في هذا مأخوذ من كلام الإمام ابن جرير الطبري - رحمه الله - في مقدمة تفسيره. [انظر: تفسير الطبري 1/ 21 - 67.]

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 May 2003, 05:50 م]ـ

وهذه تتمة لوضوع نزول القرآن على سبعة أحرف:

من المسائل الكبيرة التي اختلف فيها العلماء مسألة صلة المصاحف العثمانية بالأحرف السبعة، هل هذه المصاحف مشتملة على جميع الأحرف السبعة؟.

في هذه المسألة ثلاثة أقوال للعلماء:

الأول: ما ذهب إليه الطبري، ومن وافقه على رأيه في الأحرف السبعة من أن المصاحف العثمانية تشتمل على حرف واحد منها، وهو حرف قريش، الذي جمع عثمان عليه المصاحف.

الثاني: ما ذهب إليه جماعات من الفقهاء والقراء والمتكلمين من أن المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة.

وبنوا قولهم هذا على أنه لايجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الحروف السبعة التي نزل القرآن عليها، ولايجوز أن ينهى الصحابة - بعد جمعهم للقرآن في مصحف عثمان - عن القراءة ببعض الأحرف السبعة، ولا أن يجمعوا على ترك شيء من القرآن.

الثالث: ما ذهب إليه جماعة من السلف والخلف من أنها مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط.

وهذا القول نسبه ابن الجزري لجماهير العلماء من السلف والخلف، وقال: (وهذا القول هو الذي يظهر صوابه؛ لأن الأحاديث الصحيحة، والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له) ا هـ. [النشر في القراءات العشر لابن الجزري 2/ 31.]

وقد أسهب ابن جرير الطبري في تقرير القول الأول، وكذلك أبو جعفر الطحاوي، وذكرا أن إنزال القرآن على سبعة أحرف كان لحكمة التيسير والتسهيل على الناس في بداية الأمر؛ إذ كانوا أميين لايكتبون، إلاَّ القليل منهم، فكان يشق على كل ذي لغة منهم أن يتحول إلى غيرها من اللغات، ولو رام ذلك لم يتهيأ له إلاَّ بمشقة عظيمة؛ فوسع لهم في اختلاف الألفاظ إذا كان المعنى متفقاً، فكانوا كذلك حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبان بذلك أن تلك السبعة الأحرف إنَّما كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثُمَّ ارتفعت تلك الضرورة فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير