تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإمام أبو جعفر الطحاوي (ت/321)، وهو ينسج على طريقة المُحَدِّثين عموماً؛ بغض النظر عن طريقته في الترجيح، وسيأتي التعريف بكتابه - بحول الله تعالى-.

واشتهر التأليف بعد ذلك؛ إلا أن طابع التأليف أخذ في الاختلاف من جهة القصد، والمنهج! فالقصد؛ نصرة المذهب الذي ينتمي له المؤلف، ومن جهة المنهج؛ فالبناء على أصول إمام المذهب، وقواعده؛ فهذا الإمام الجَصَّاص في كتابه المعروف أحكام القُرْآن لا يألوا جُهداً في نُصْرَةِ مَذْهَبِ الإمام أبي حنيفة، النعمان بن ثابت - رحمه الله - (ت/150)، ولو بالتأويلات البعيدة، والتكلف المتعسف! ثم هو تطبيق للقواعد، والأصول التي يقوم عليها مذهب الحنفيَّة.

وهذا الإمام إلْكِيَا الهَرَّاسي يصرح في مقدمته، بأن القصد من التأليف "شرح ما انتزعه الشافعي، من أخذ الدلائل في غموض المسائل، وضممتُ إليه ما نسجته عن منواله، واحتذيت على مثاله" (21) فقد أشار للأمرين؛ فالقصد: شرح استدلالات الشافعي - رحمه الله-والمنهج: جمع استدلالات الشافعي، وضم مسائل آخر منسوجة على منواله في التأصيل، والاستدلال.

ولا يُعاب على إلكيا الهَرَّاسي أن يؤلّف في استدلالات الإمام الشافعي، وينسج على منواله، فهذا أقل ما ينبغي تجاه أراء الأئمة الكبار، واجتهاداتهم؛ ليقتدي الخلف؛ بالسلف في طريقة الفقه، والتفقه؛ ولكن الذي يُعاب هو التقليد المحض، والتعصب الأعمى، وعدم رؤية الحق إلاّ من جهة واحدة، مع القدرة على البحث، والاستدلال.

وقد استمر التأليف في إطار المذاهب؛ لكن المؤلفين قد اختلفت مناهجهم في البسط، والإيجاز، والتجرد، والانحياز؛ فمنهم من اقتصر على قول واحد في التَفْسِيْر والاستنباط، ومنهم من توسع في ذكر أقوال الأئمة، والاهتمام باختلاف الآراء والاجتهادات، ومنهم من تجرد في الاستدلال، والتدليل، وبحث عن الرَّاجح من الأقوال، دون التفات للمذاهب، أو التعويل عليها، ومنهم من ظل حبيس أقوال شيوخه، فلم يتكلم في مسائل العلم إلا من خلالها، وهذا من عجيب خلق الله، أعني التفاوت في العقول، والأفهام، بين الأنام، والله المستعان لاربّ سِواه.

ـــــــــــــ

الهوامش

-وتقسيم الأحكام الشرعية إلى أصول، وفروع؛ يُقصد به أمران؛ أحدهما مقبول، ولا ضير فيه، والآخر مردود، ولا عبرة به، ولا بقائله.

* أما التقسيم المقبول؛ فهو التقسيم باعتبار الغلبة، أو للتوضيح، والتبيين؛ فيقال: هذه مسائل أصول، وتلك مسائل فروع؛ ويلاحظ أن التقسيم غير دقيق تماماً، ولا منضبط؛ لأن المسائل الإعتقادية لابد أن ينبني عليها عمل، وهي تمثل السلوك، والأخلاق الإسلامية بمعناها الشامل، كما أن المسائل العلمية الفقهية، الفرعية، لابد أن تصدر عن اعتقاد، ونيّة، ثم أن هناك مسائل تعد من الأصول؛ وهي مما يعذر المسلم بجهلها، بل وقد لا يجب تعلمها؛ كبعض التفصيلات في مسائل الاعتقاد، وهناك مسائل تُعَدُّ من الفروع؛ وهي مما يُعلم من الدِّيْن بالضرورة؛ بل وهي من الواجبات المتحتمات على كل مسلم؛ كفعل الفرائض من الصلاة، والصيام، والزكاة ..... وجملة القول؛ أن هذا التقسيم بهذا الاعتبار تقسيم اصطلاحي، ولا مشاحة في الاصطلاح إذا خَلا من مفسدة، ولا مفسدة فيه هنا، والله أعلم.

* والقسم الثاني؛ وهو التقسيم المردود؛ فهو أن يراد بهذا التقسيم، تهوين شأن مسائل الفروع، أو ترتيب مسائل التكفير، والتبديع على هذا التقسيم؛؛ فيقال من أخطأ في مسائل الأصول؛ فهو كافر، أو مبتدع، دون مسائل الفروع!! فهذا خطأ من قائله، وهذا النوع الذي اشتد نكير شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- عليه، وعلى من قال به! ينظر الثبات والشمول (ص/61)، التفريق بين الأصول والفروع، للشثري (1/ 196) فما بعدها، منهج القُرْآن في تقرير الأحكام (ص/74 - 132).

2 - ينظر تفاسير آيات الأحكام ومناهجها، للدكتور/ علي بن سليمان العبيد (1/ 25) -رسالة جامعية-، وآيات الأحكام في المغني، للدكتور/ فهد العندس (1/ 22) - رسالة جامعية-.

3 - المرجعان السابقان.

4 - وممن قال بهذا القول الغزالي في المستصفى (4/ 6)، والرازي في المحصول (2/ 3/33)، والمارودي في أدب القاضي (1/ 282).

5 - البرهان للزركشي (2/ 3 - 4).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير