(وهذه التفاسير التي توجد وتشتهر بها أقوال لا يعرف غيرها تنقل هذه الأقوال عن بني إسرائيل مجردة ويغفل الناقل عن مناقضتها للمعاني الصحيحة وتطبيقها على الأقوال ثم لا تزال تتناقل، وينقلها المتأخر مسلماً للمتقدم حتى يظن أنها الحق فيقع من الأقوال الردية في التفاسير ما يقع، واللبيب الفطن، يعرف أن هذا القرآن الكريم، العربي المبين، الذي خاطب الله به الخلق كلهم، عالمهم وجاهلهم، وأمرهم بالتفكر في معانيه، وتطبيقها على ألفاظه العربية المعروفة المعاني التي لا تجهلها العرب العرباء، وإذا وجد أقوالاً منقولة عن غير رسول الله ?، ردها إلى هذا الأصل، فإن وافقته قبلها، وإن خالفته لفظاً ومعنى أو لفظاً أو معنى، ردها وجزم ببطلانها، لأن عنده أصلاً معلوماً مناقضاً لها وهو ما يعرفه من معنى الكلام ودلالته) أ. هـ.
4) أنه مع تحرز الشيخ من ذكر الإسرائيليات إلا أنه أثبتها في مواطن نادرة في كتابه:
قال الشيخ في تفسير قوله تعالى: {وألقينا على كرسيه جسداً}: (أي شيطاناً قضى الله وقدر أن يجلس على كرسي ملكه، ويتصرف في الملك في مدة فتنة سليمان).
وقال في قوله تعالى {وخذ بيدك ضغثاً} أي حزمة شماريخ: (فاضرب به ولا تحنث) قال المفسرون: وكان في مرضه وضره قد غضب على زوجته في بعض الأمور فحلف لأن شفاه الله أن يضربها مائة جلدة فلما شفاه الله وكانت امرأة صالحة محسنة إليه رحمها الله ورحمه فأفتاه أن يضربها بضغث فيه مائة شمراخ فيبر في يمينه) أ. هـ.
موقف الشيخ الأمين رحمه الله تعالى (ت: 1393 هـ) من الاسرائيليات كما في كتابه (أضواء البيان):
لم يبين الشيخ رحمه الله منهجه في مقدمته في ذكر الاسرائيليات في التفسير حتى قال الدكتور محمود النقراشي في كتابه مناهج المفسرين عن أضواء البيان: (أنه أضرب صفحاً عما ينسب إلى النقل عن أهل الكتاب ولم يوضح لنا شيئاً فيه).
إلا أن الشيخ الأمين رحمه الله قد بين موقفه منها أثناء تفسيره لبعض الآيات ويتلخص ذلك فيما يلي:
1) الإعراض عن ذكر الإسرائيليات مما لا فائدة في البحث عنه ولا دليل على التحقيق فيه ولعله هو غالب الإسرائيليات: قال رحمه الله في تفسير سورة الكهف عند قوله تعالى: {وكلبهم باسط ذراعيه}: (ففي القرآن العظيم أشياء كثيرة لم يبينها الله لنا ولا رسوله ? ولم يثبت في بيانها شيء والبحث عنها لا طائل تحته ولا فائدة فيه، وكثير من المفسرون يطنبون في ذكر الأقوال فيها بدون علم ولا جدوى، ونحن نعرض عن مثل ذلك دائماً، كلون كلب أصحاب الكهف واسمه، وكالبعض الذي ضرب به القتيل من بقرة بني إسرائيل، وكاسم الغلام الذي قتله الخضر، وأنكر عليه موسى قتله، وكخشب سفينة نوح من أي شجر هو، وكم طول السفينة وعرضها، وكم فيها من الطبقات، إلى غير ذلك مما لا فائدة في البحث عنه، ولا دليل على التحقيق فيه) أ. هـ.
ويقول في سورة الإسراء عند قوله {وإن عدتم عدنا}: (وتركنا بسط قصة الذين سلطوا عليهم في المرتين لأنها أخبار إسرائيلية وهي مشهورة في كتب التفسير والتاريخ والعلم عند الله تعالى).أ. هـ.
ويقول أيضاً في سورة الكهف: (واعلم أن قصة الكهف وأسمائهم وفي أي محل من الأرض كانوا كل ذلك لم يثبت فيه عن النبي ? شيء زائد على ما في القرآن وللمفسرين في ذلك أخبار كثيرة إسرائيلية أعرضنا عن ذكرها لعدم الثقة بها).أ. هـ.
وقال في قصة صاحب الجنة في سورة الكهف: (وكلام المفسرين في الرجلين المذكورين هنا في قصتهما كبيان أسمائهما ومن أي الناس هما أعرضنا عنه لما ذكرنا سابقاً من عدم الفائدة فيه وعدم الدليل المقنع عليه) أ. هـ.
2) أنه رحمه الله أورد عدداً من الإسرائيليات في كتابه ثم انتقدها إما لمخالفتها المعنى المشهور من كلام العرب وإما لمخالفتها عصمة الأنبياء وإما لعدم الثقة بها:
• فأما إيراده لها فقد أوردها رحمه الله في معنى الرقيم في قوله: {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم .. } وفي معنى {مجمع البحرين} بل ذكر في سورة يوسف في معنى البرهان الذي رآه يوسف عليه السلام نقلاً عن الدر المنثور أربعاً وعشرين رواية ثم انتقدها.
• وأما نقده رحمه الله:
? فإما أن يكون لعدم ثقته بها كما مر في كلامه.
¥