? وإما أن يكون لمخالفتها المعنى المشهور من كلام العرب قال في رده على من قال إن المراد بقوله " وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد " أنه رجل منهم لا كلب حقيقي واستدل على ذلك بالقراءة الشاذة " وكالبهم باسط ذراعيه " وقراءة " وكالئهم " قال: (وقوله جل وعلا " باسط ذراعيه " قرينة على بطلان ذلك القول لأن بسط الذراعين معروف من صفات الكلب الحقيقي ... وهذا المعنى المشهور من كلام العرب، فهو قرينة على أنه كلب حقيقي) ثم وجه القراءة الشاذة.
? وإما أن يكون نقده لما في القصة من قدح في مقام الأنبياء عليهم السلام: كما قال في رده على الروايات التي أوردها في قصة يوسف في معنى البرهان قال: (هذه الأقوال التي رأيت نسبتها إلى هؤلاء العلماء منقسمة إلى قسمين: قسم لم يثبت نقله عن من نقل عنهم بسند صحيح وهذا لا إشكال في سقوطه، وقسم ثبت عن بعض من ذكر، ومن ثبت عنه شيء من ذلك فالظاهر الغالب على الظن المزاحم لليقين أنه إنما تلقاه عن الإسرائيليات لأنه لا مجال للرأي فيه ولم يرفع منه قليل ولا كثير إليه ?، وبهذا تعلم أنه لا ينبغي التجرؤ على القول في نبي الله يوسف ... اعتماداً على مثل هذه الروايات مع أن في الروايات المذكورة ما تلوح عليه لوائح الكذب) أ. هـ.
كما قال رحمه الله في تفسيره سورة الكهف: (فما يذكره المفسرون في تفسير قوله تعالى: " ولقد فتنا سليمان .. " الآية، من قصة الشيطان الذي أخذ الخاتم وجلس على كرسي سليمان ... لا يخفى أنه باطل لا أصل له وأنه لا يليق بمقام النبوة فهو من الإسرائيليات التي لا يخفى أنها باطلة).
? وإما أنه يرى أنه لا فائدة في بحث ذلك ولا دليل عليه: كما قال بعد سرد الأقوال في معنى " مجمع البحرين ": (ومعلوم أن تعيين البحرين من النوع الذي قدمنا أنه لا دليل عليه من كتاب ولا سنة، وليس في معرفته فائدة فالبحث عنه تعب لا طائل تحته وليس عليه دليل يجب الرجوع عليه). أ. هـ.
3) قسم رحمه الله الإسرائيليات إلى الأقسام الثلاثة المشهورة فقال: (ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات: في واحدة منها يجب تصديقه وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه، وفي واحدة يجب تكذيبه وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة أيضاً على كذبه، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق ... وهي ما إذا لم يثبت في كتاب ولا سنة صدقه ولا كذبه، وبهذا التحقيق تعلم أن القصص المخالفة للقرآن والسنة الصحيحة التي توجد بأيدي بعضهم زاعمين أنها في الكتب المنزلة يجب تكذيبهم فيها لمخالفتها نصوص الوحي الصحيح التي لم تحرف ولم تبدل والعلم عند الله تعالى). أ. هـ.
موقف سيد قطب رحمه الله (ت: 13/ 5/1386هـ) من الإسرائيليات من خلال كتابه (في ظلال القرآن):
لم يبين المؤلف رحمه الله موقفه في مقدمته إلا أنه أشار في كتابه إلى أنه يرفض إيراد الإسرائيليات في التفسير ويحذر منها ويعدها أساطير لا سند لها صحيح ولهذا فإنه لا تكاد توجد في تفسيره رواية إسرائيلية يوليها اهتمامه بل كان يعيب على كثير من المفسرين السابقين عنايتهم بها:
يقول رحمه الله في قوله سبحانه: {حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور} [هود: 40]: (وتتفرق الأقوال حول فوران التنور ويذهب الخيال ببعضهم بعيداً وتبدوا رائحة الإسرائيليات وفي قصة الطوفان كلها واضحة، أما نحن فلا نضرب في متاهة بغير دليل في هذا الغيب الذي لا نعلم منه إلا ما يقدمه لنا النص وفي حدود مدلوله بلا زيادة). ثم قال: (وأساطير بني إسرائيل المدونة في ما يسمونه (العهد القديم) تحوي كذلك ذكرى طوفان نوح ... لكن هذا كله شيء لا ينبغي أن يذكر في معرض الحديث القرآني عن الطوفان ولا ينبغي أن يخلط الخبر الصادق الوثيق بمثل هذه الروايات الغامضة وهذه الأساطير المجهولة المصدر والأسانيد) ثم ذكر تحريف التوراة والإنجيل ثم قال: (ومن ثم لا يجوز أن يطلب عند تلك الكتب جميعها يقين في أمر من الأمور).
موقف الإمام البقاعي رحمه الله من الإسرائيليات من خلال كتابه (أوردته استطراداً)
(نظم الدرر) و (الأقوال القويمة):
¥