(قال الخطيب البغدادي في كتابه السابق: (وقد ورد القرآن بتسمية ما ليس بحجة حجة،قال الله تعالى: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (النساء: من الآية165) وقال تعالى: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) (البقرة: من الآية150)
فأما الآية الأولى فإن تقديرها: بعثت الرسل، وأزحت العلل؛ حتى لا يقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين، ولا يقولوا: لولا أرسلت إلينا رسولاً، فأزاح الله العلل بالرسل؛ حتى لا يكون لهم حجة فيما ارتكبوه من المخالفة، ويجب أن تعلم أن الله تعالى لو ابتدأ الخلق بالعذاب لم يخرج بذلك عن الحكمة، ولا كانت عليه حجة وله أن يفعل ذلك؛ لأنه قِسم من أقسام التصرف في ملكه، فبان أن ما يقولونه ليس بحجة، إذ ليس ذلك من شرط عذابه، وإنما سماه حجة لأنه يصدر من قائله مصدر الحجاج والاستدلال.
وأما الآية الأخرى فإنها نزلت في اليهود؛ وذلك أنهم قالوا: لو لم يعلم محمد أن ديننا حق ما صلى إلى بيت المقدس، فأنزل الله تعالى: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) يعني: اليهود في قولهم هذا، وإن لم يكن حجة في الحقيقة، وليس تفرق العرب بين ما يؤدي إلى العلم أو الظن أن تسمِّيه حجة ودليلاً وبرهاناً.) ثم روى بإسناده أن ثعلباً سئل عن البرهان، فقال: الحجة؛ قال الله تعالى: (هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة: من الآية111) أي: حجتكم. [انتهى من كتاب الفقيه والمتفقه 2/ 45 - 46.]
ومن الآيات التي قد يرى الناظر فيها أن بينها تعارضاً قوله تعالى: (وأن تجمعوا بين الأختين)، وقوله سبحانه: (ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) فالآية الأولى تدل على تحريم الجمع بين الأختين بملك اليمين، والثانية تدل على أن الرجل غير ملوم إذا لم يحفظ فرجه عن زوجه وما ملكت يمينه. قال الخطيب البغدادي في الترجيح والجمع بينهما: (ووجه الترجيح أن يقول: روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: «حرمتها آيةٌ، وأحلتها آيةٌ، والتحريم أولى.»؛ لأن قوله: (وأن تجمعوا بين الأختين) قصد به بيان التحريم، وليس كذلك قوله تعالى: (أو ما ملكت أيمانهم)، فإنه قصد به مدح قوم، فكان ما قصد به التحريم وبيان الحكم أولى بالتقديم، ويجب حمله على ظاهره، وترتب الآية الأخرى عليه.) انتهى [2/ 94 - 95]
وروى الخطيب بإسناده الصحيح عن أبي بكر محمد بن علي الأدفوي النحوي قوله: (إذا تعلم الإنسان من العالم واستفاد منه الفوائد فهو له عبد، قال الله تعالى: (وإذ قال موسى لفتاه) [الكهف: 60]، وهو يوشع بن نون، ولم يكن مملوكاً له، وإنما كان متلمذاً له، متبعاً له، فجعله الله فتاه لذلك.) انتهى [2/ 197]
ومن مرويات الخطيب في التفسير، ما رواه بإسناد حسن عن يحيى بن آدم أنه قال: سمعت في تفسير هذه الآية: (وأما السائل فلا تنهر) [الضحى: 10] قال: «هو الرجل يسألك عن شيء من أمر دينه، فلا تنهره، وأجبه». [2/ 387].)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[06 May 2003, 05:40 م]ـ
بسم الله
ومن أقوال الإمام أبي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري ومروياته في التفسير التي أوردها في كتابه خلق أفعال العباد هذه المقتطفات:
·قال أبو عبد الله [البخاري] في تفسير قول الله تعالى: (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) [البقرة: 255]: يعني: إلا بما بيّن. [ص42]
·وقال معلقاً على حديث شهادة هذه الأمة على الأمم السابقة، الذي قرأ النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقرة: من الآية143)
قال أبو عبد الله: هم الطائفة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم». [96]
· وروى بإسناد صحيح عن قتادة، (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ) (البقرة: من الآية146) قال: يعرفون أن الإسلام دين الله، وأن محمداً رسول الله، مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل. [167]
¥