2 ـ قوله تعالى: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) (البقرة: 49)، قال السيوطي (1: 302):» في العجائب للكرماني (1: 303): استدلَّ بها بعض من يقول بالتناسخ، وقال: إن القوم كانوا هم بأعيانهم، فلما تطاولت مدة التلاشي والبِلَى نسوا، فذُكِّرُوا.
قال] أي: الكرماني [: وهذا محال، وجهل بكلام العرب، فإن العرب تخاطب بمثل هذا، وتعني الجدَّ الأعلى، والأب الأبعد «.
وهذا الاستنباط خطأ محض؛ لأن المعلومة المستنبطة باطلة بذاتها، فالقول بالتناسخ باطل بذاته، وربطه بالقرآن باطل أيضًا.
3 ـ قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعا) (البقرة: 29)، قال السيوطي (1: 296):» استدل به على أن الأصل في الأشياء الإباحة، إلا ما ورد الشرع بتحريمه «.
4 ـ قوله تعالى: (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ)] النجم: 23 [، قال السيوطي (ت: 911):» استدل به على أن اللغات توقيفية، ووجْهُه: أن الله تعالى ذمَّهم على تسمية بعض الأشياء بما سموها به، ولولا أن تسمية غيرها من الله توقيف؛ لما صحَّ هذا الذمُّ؛ لكون الكلِّ اصطلاحًا منهم «. (3: 1220)
وهذا الاستدلال ضعيف، وقد نبَّه المحقق الدكتور عامر العربي على هذا الضعف، فقال:» لأن الذم غير منصب على مجرد التسمية، وإنما على تسمية الأصنام آلهة، ونفهم من هذا أن التسمية إذا خلت مما يتعارض مع الشرع تكون جائزة «.
وفي هذا المثال تجد أن المسألة المستدل لها، وهي (توقيف اللغات) مختلف فيها، وهذه من صور الاستنباطات التي يقع التنازع في صحة أصلها، وهي راجعة إلى الاجتهاد، وليست كما في سابقاتها مما دلَّ الشرع على بطلانه، والله أعلم.
5 ـ قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ)] الحشر: 2 [، قال السيوطي (ت: 911):» استدل به على حجية القياس، وأنه فرض كفاية على المجتهدين؛ لأن الاعتبار قياس الشيء بالشيء «. (3: 1241).
6 ـ قوله تعالى (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)] الحشر: 10 [، قال السيوطي:» قال مالك: من كان له في أحد من الصحابة قول سَيِّئٌ أو بغض، فلا حظَّ له في الفيء «. (3: 1243).
7 ـ قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)] الجمعة: 9 [، قال السيوطي:» أبح الانتشار عقب الصلاة، فيستفاد منه تقديم الخطبة عليها «. (3: 1251).
8 ـ قوله تعالى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)] التحريم: 3 [، قال السيوطي:» فيها: أنه لا بأس بإسرار الحديث إلى من يركن إليه من زوجة أو صديق.
وأنه يلزمه كتمه.
وفيها حسن العشرة مع الزوجات.
والتلطف في العتب.
والإعراض عن استقصاء الذنب «. (3: 1269).
9 ـ قوله تعالى: (وامرأته حمالة الحطب)، قال السيوطي:» واستدل به الشافعي على صحة أنكحة الكفار «(3: 1353).
10 ـ قوله تعالى: (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالجُنُودِ قَالِ إنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيسَ مِنِّي وَمَنْ لم يَطْعَمْهُ فَإنِّهُ مِنِّي إلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غَرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إلاَّ قَلِيلاً. .)] البقرة: 249 [، قال بعضهم:» هذه الآية مثل ضربَه الله للدُّنيا، فشبَّهها الله بالنهرِ، والشَّاربِ منه بالمائلِ إليها المستكثرِ منها، والتَّاركِ لشربِهِ بالمنحرفِ عنها والزاهدِ فيها، والمغترفِ بيدِه بالآخذِ منها قدرَ الحاجةِ، وأحوالٌ الثَّلاثةِ عندَ اللهِ مختلفةٌ «تفسير القرطبي 1: 251.
قال القُرْطُبِيُّ (ت: 671):» ما أحسن هذا الكلام لولا ما فيه من التَّحريفِ في التَّأويلِ، والخروجِ عن الظَّاهرِ، ولكن معناه صحيحٌ في غير هذا «.
وهذا من النوع الذي تكون الفائدة المستنبطة صحيحة في ذاتها، لكن حملها على معنى الآية غير صحيح.
وهذا غيض من فيض من الاستدلالات والاستنباطات والفوائد المعتبرات، وإنما ذكرته تذكرة ومثالاً يُحتذى، وأسأل الله لي ولكم التوفيق.
محبكم أبو عبد الملك،،،،
¥