ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[08 Jun 2003, 06:04 ص]ـ
الأخ الشيخ أبو مجاهد العبيدي .. رعاه الله .. الحقيقة ما طرحتَه هنا موضوع قيم وجميل (علماً بأن شهادتي في هذا الموضوع مجروحة) ..
وأشكر فضيلة الدكتور المحرر الشيخ مساعد الطيار على مشاركته في هذا الموضع ..
ومن باب الإضافة: فسوف أضيف قاعدة في معرفة الصحيح والباطل من الاستنباطات: وهو ما استطعت المشاركة به إذ أنني متوقف في المشاركة في هذا الموضوع حتى يبلغ الكتاب أجله.
قاعدة مختصرة في معرفة صحة الاستنباط من بطلانه:
وصحة الاستنباط متوقفة على أمرين:
الأول: صحة دلالة الآية على هذا المعنى المُسْتَنْبَط.
الثاني: صحة المعنى المستَنْبَط في ذاته. ويكون ذلك عند ثبوت صحة الدلالة بعدم وجود دليل آخر يدل على عدم صحتها ().
فالأول يعرف به صحة ارتباط هذا المعنى بالآية، فإن صح هذا الارتباط () نُظر بعد ذلك في المعنى المستنبط هل هو صحيح في العلم الذي استنبط فيه إذ قد تدل الآية على حكم يدل على بطلانه أدلة أخرى.
وعند تأمل حالات الصحة وعدمها يتبين أن الحالات أربع:
الأولى: صحة الدلالة والمعنى المستنبط.
الثانية: بطلانهما.
الثالثة: صحة الدلالة وبطلان المستنبط.
الرابعة: بطلان الدلالة وصحة المستنبط.
ولا يحكم على الاستنباط بأنه صحيح إلا في الحالة الأولى، أما في الثانية والثالثة فظاهر، وأما في الرابعة فلأن المقصود هو الحكم على صحة استنباط هذا المعنى من هذه الآية، وليس المقصود الحكم على صحة المعنى فقط، ولو لم نقيد الأمر بذلك لكان كل معنى صحيح يصح استنباطه من كل نصٍّ قرآني ولو لم يدل عليه ولا يقول بهذا أحد. كما أننا حين نحكم ببطلان هذا الاستنباط من هذه الآية فلا يعني ذلك دائماً عدم صحة المعنى المستنبط لكننا نفي دلالة الآية عليه. ومثال ذلك حتى يتضح الأمر:
استنبط السبكي من قوله تعالى: (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً) [الفرقان:] مسألة أصولية وهي أن الكف عن الفعل فعلٌ. قال:" فإن الأخذ التناول والمهجور المتروك، فصار المعنى تناولوه متروكاً. أي: فعلوا تركه" ().
فهذا الاستنباط عند تأمله نجد أنه لا دلالة في الآية عليه مع صحته في ذاته قال الشيخ الأمين: " استنباط السبكي من هذه الآية أن الكف فعل وتفسيره لها بما يدل على ذلك، لم يظهر لي كل الظهور" ().
لكنه مع ذلك أثبت صحة هذا المعنى المستنبط فقال: " ولكن هذا المعنى الذي زعم أن هذه الآية الكريمة دلت عليه، وهو كون الكف فلاً دلت عليه آيتان كريمتان من سورة المائدة، دلالة واضحة لا لبس فيها، ولا نزاع ... أما الأولى منهما فهي قوله تعالى: (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون) فترك الربانيين والأحبار نهيهم عن قول الإثم وأكل السحت سماه الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة صنعاً في قوله: (لبئس ما كانوا يصنعون). أي: وهو تركهم النهي المذكور، والصنع أخص من مطلق الفعل، فصراحة دلالة هذه الآية الكريمة على أن الترك فعلٌ في غاية الوضوح كما ترى.
وأما الآية الثانية: فهي قوله تعالى: (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) فقد سمى جل وعلا في هذه الآية الكريمة تركهم التناهي عن المنكر فعلاً، وأنشأ له الذم بلفظة بئس التي هي فعل جامد لإنشاء الذم في قوله: (لبئس ما كانوا يفعلون) أي: وهو تركهم التناهي، عن كل منكر فعلوه، وصراحة دلالة هذه الآية أيضاً على ما ذكروه واضحة كما ترى" ().
ومن هذا المثال يتبين أن استنباط السبكي من آية الفرقان استنباط غير صحيح لعدم دلالة الآية عليه وأما استنباط ذات المعنى من الآيتين من سورة المائدة فاستنباط صحيح لدلالة الآية عليه دلالة صحيحة.
والله أعلم.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Jun 2003, 06:35 ص]ـ
من نفائس النقول حول موضوع الاستنباط ما أورده الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه العُجاب: إعلام الموقعين [2/ 397 - 400 بتحقيق مشهور آل سلمان] حيث قال:
¥