وذلك بأن تفيد معنى مبهماً غير معين، وهذا من خصائص (مَن) من بين حروف المعاني، فهي تطلق على المفرد والمثنى والجمع المذكر والمؤنث. فتعود على المفرد المذكر باعتبار لفظها، وعلى المؤنث باعتبار معناها. ومن علامات كونها نكرة موصوفة، جواز دخول (رُبَّ) عليها، ومن أشهر شواهد النحويين والمفسرين على ذلك بيت سائر لسويد بن أبي كاهل اليشكري في قصيدته اليتيمة:
رُبَّ مَنْ أنضجت حقداً قلبه ... قد تمنى لي موتاً لم يُطَعْ
والشاهد في البيت دخول (رُبَّ) على (مَنْ)؛ لأن (مَنْ) نكرة موصوفة بجملة (أنضجتُ) بعدها، أي: رُبَّ رجلٍ أنضجتُ ..
ثانياً: أن هناك عدداً من كبار النحويين استبعدوا كونها موصوفة هنا في مثل هذه الآية.
فمن النحويين الذين استبعدوا كونها موصوفة الإمام الكسائي رحمه الله، وهو إمام الكوفيين في القراءة والنحو، وقال بأن هذا الموضع ليس من المواضع التي تختص بها النكرات، ويمكنك مراجعة قوله في همع الهوامع للسيوطي وشرحه 1/ 316 - 317
ومن النحويين الكبار الذين استبعدوا كونها موصوفة كذلك ابن هشام الأنصاري رحمه الله في كتابه العجيب (مغني اللبيب)، حيث قال: (وقال تعالى: (ومن الناس من يقول آمنا بالله) فجزم جماعة بأنها موصوفة، وهو بعيد، لقلة استعمالها) 1/ 359 طبعة محي الدين عبدالحميد رحمه الله. ويقصد بمن جزم بكونها موصوفة العكبري وغيره.
ومن النحويين الكبار والمفسرين الكبار أيضاً السمين الحلبي رحمه الله، حيث تعقب قول العكبري عندما قال بأنها موصوفة، وقال إن (المعنى ههنا على الإيهام) قال الحلبي: إن هذا غير مُسلَّم – بتشديد اللام وفتحها -، لأن المنقول أن الآية نزلت في قوم بأعيانهم كعبدالله بن أبي ورهطه. الدر المصون للسمين 1/ 110
ثالثاً: أن قول الزمخشري أن الأمر فيه تفصيل:
- فإن قدرت (أل) في الناس للعهد فـ (من) موصولة، مثل: (ومنهم الذين يؤذون النبي).
- وإن قدرت (أل) في الناس للجنس، فـ (من) موصوفة، مثل: (من المؤمنين رجال صدقوا).
فهذا أمر (يحتاج إلى تأمل) كما قال ابن هشام رحمه الله.
والذي يبدو لي أن معنى قول الزمخشري هذا أنه يرى أن اللام إذا كانت للجنس في كلمة (الناس) ناسب أن تكون (مَنْ) موصوفة؛ لكون الجنس شائع في الأفراد فيناسبه القول بأنها نكرة موصوفة لأن النكرة شائعة كذلك في أفرادها.
وإن كانت (أل) في (الناس) للعهد، ناسب القول بأن (مَنْ) موصولة لكون العهد أقل شيوعاً من الجنس.
ولكن الذي يبدو أنه نوع من التكلف في تعليل الحكم،وهذا مهيع معروف عند أهل النحو رحمهم الله، والعرب قد ورد عنها عدد كبير من الشواهد الشعرية جاءت فيها لام الجنس وبعدها الموصول لا النكرة الموصوفة.
فهذا رأي مستحسن، وقد وافقه عليه كما في النقول السابقة الألوسي، ولكنه لا يصلح أن يكون قاعدة نحوية في رأيي لورود لغة العرب بخلافه كثيراً، ولا أظن أبا حيان يترك التعقيب على كلام الزمخشري، فلعلي أراجع تفسير البحر المحيط، وأرى قول أبي حيان إن شاء الله في مشاركة قادمة.
وجزاك الله خيراً أخي أبا مجاهد على مثل هذه المشاركات.
ـ[إبراهيم الدوسري]ــــــــ[02 Jun 2003, 04:22 م]ـ
معنى اللغز: أن القراء اتفقوا على الإتيان بالبسملة بين سورتي الناس والفاتحة، مع أنهم اتفقوا أيضا على عدم كتابتها فيما بينهما، فهي مثبتة لفظا محذوفة رسما
وشكرا
ـ[وائل]ــــــــ[02 Jun 2003, 04:30 م]ـ
الأخ عبدالرحمن جزاك الله خير الجزاء
ـ[سابر الأغوار]ــــــــ[04 Jun 2003, 06:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد سررت جدًا عند دخولي في هذا المنتدى؛ لما رأيت فيه من الكلام الجميل وصدق العبارة؛ وإظهار روح المحاورة البريئة الرائعة.
بخلاف المنتديات الأخرى التي تشم بمجرد دخولك نتن المعاصي والبعد عن الكلام الطيب؛ ناهيك عن الكلام المفيد والنافع.
وبما أن المجال مفتوح للألغاز فإليكم إخواني هذا اللغز الفقهي والذي يتعلق بالمواريث:
(ما تقول في هالك هلك وترك:
خال ابن عمته ولا خال لإبن العمة غيره.
وعمة ابن خاله ولا عمة له غيرها أيضا.
فما يكونان من هذا الميت؟؟
ــــــــــــــــ:
ملاحظة: سوف أذكر المصدر ان شاء الله تعالى بعد ورود الحلول؛ حتى نجعل مساحة واسعة للتفكير
وجزاكم الله خير الجزاء
...........................................
أخوكم / عبد الله علي القحطاني ................ معلم تربية إسلامية.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jun 2003, 06:50 م]ـ
أخي الكريم عبدالله القحطاني وفقه الله ورزقنا وإياه العلم النافع والعمل الصالح
اشكرك على حسن ظنك بإخوانك، واشكرك على مشاركتك الجميلة.
وأما جواب سؤالك وفقك الله فهو حسب ما يبدو لي بادي الرأي أن المقصود بخال ابن العمة هو أب الميت، وعمة ابن خاله هي أمه. نسأل أن يرحم آباءنا وأمهاتنا أجمعين وأن يغفر لنا ولهم.
وأرجو يا أستاذي الكريم أن يكون اللغز في المرة القادمة في التفسير والدراسات القرآنية إن أمكن، وإن كنت قد أسعدتني كثيراً بأخذنا إلى علم المواريث. وفقك الله.
¥