تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذا نزلت في القطب الشمالي تراها مبسوطة .. وإذا كنت في القطب الجنوبي تراها مبسوطة .. وعند خط الاستواء تراها مبسوطة .. وإذا سرت من نقطة على الأرض وظللت تسير إلى هذه النقطة فالأرض أمامك دائمًا مبسوطة .. ولا يمكن أن يحدث هذا أبدًا إلا إذا كانت الأرض كروية .. فلو أن الأرض مثلثة أو مربعة أو مسدسة .. أو على أي شكل هندسي آخر .. لوصلت فيها إلى حافة ليس بعدها شيء .. ولكن لكي تكون الأرض مبسوطة أمامك في أي مكان تسير فيه فلابد أن تكون على هيئة كرة.

هذا الإعجاز يتفق مع قدرات العقول وقت نزول القرآن الكريم .. وإذا تقدم العلم ووصل إلى حقيقة لما لم يعتقده الناس .. تجد أن آيات القرآن تتفق مع الحقيقة العلمية اتفاقًا مذهلاً .. ولا يقدر على ذلك إلا الله سبحانه وتعالى.

ولو أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تعرض لهذه الآيات الكونية تعرضًا لا يتناسب مع استعدادات العقول وقت نزول القرآن الكريم .. فإنه ربما صرف العقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن أساسيات الدين إلى جدل في أسرار كون لا يستطيع العقل أن يستوعبها أو يفهمها .. ولكن الحق تبارك وتعالى ترك في الكون أشياء لوثبات العقول في العلم .. بحيث كلما تقدم العلم وجد خيطًا يربط بين آيات الله سبحانه وتعالى في الكون وآياته سبحانه وتعالى في القرآن الكريم .. ولو أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسر كونيات القرآن وقت نزوله لجمد القرآن .. لأنه لا أحد منا يستطيع أن يفسر بعد تفسير رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبذلك يكون عطاء القرآن الكريم قد جمد .. ولكن ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم للتفسير أتاح الفرصة لعطاءات متجددة للقرآن الكريم إلى قيام الساعة .. وهكذا كان المنع هو عين العطاء .. وهذه معجزة أخرى من إعجاز القرآن الكريم.

ونظرة واحدة فيما قاله الله سبحانه وتعالى في كونيات الحياة التي أتيحت للعقل البشري في القرن العشرين .. نجد أن القرآن الكريم يشير إليها؛ لأن العمر في الرسالة القرآنية إلى أن تقوم الساعة .. ومادام إلى أن تقوم الساعة .. يظل القرآن الكريم معجزة حتى قيام الساعة .. ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) (فصلت/53).

فأنا بدوري أحوم بخواطري حول هذه المعاني إيناسًا بعلة حكم، أو استمالة لجمال أداء، أو اكتشافًا للمعطيات القرآنية في الأسرار الكونية، وأملي من ذلك أن يعشق المسلمون إسلامهم أولاً، وأن يعلموا جيدًا أن واقع الحياة سيرغم إلى كثير من أحكام القرآن الكريم، فمن لم يأخذه دينا سيأخذه نظامًا.

وكان الواضح من طريقة الشيخ الشعراوي في تفسيره ما يلي:

1 - أولاً هو لا يسميه تفسيرًا، بل يجعلها خواطر، ويرى أن ما يقوم به ليس تفسيرًا بقدر ما هو معانٍ يحوم بها حول الآيات، فهي أشبه بالخواطر.

2 - يذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ عند خواطره هذه آيات متعددة، وأحيانًا آية أو جزءًا من آية.

3 - يحاول الشيخ ـ رحمه الله ـ أن يربط بين الآيات التي تتحدث عن المواضع الواحد في القرآن كله، ومن ثم فهو يرى أن القرآن كله وحدة لا تتجزأ، وكل لا يتبعض، وأن الأصل في القرآن أنه مبني على الوصل لا على الفصل، وأن القصة تقسم على فصول متعددة في سورة مختلفة، تظهر كل سورة جزءاًمعيناًبالتفصيل مع ما يتناسب مع جو السورة العام،بيد أنها لاتغفل عن الإشارة عن مجمل السورة ولو بشكل مختصر.

4 - دائمًا ما كان الشيخ ـ رحمه الله ـ يدخل إلى خواطره في الآيات عن طريق اللغة العربية وألفاظها، وهو خبير في هذا الباب، فقد كان يصل إلى المعنى الشرعي المراد عن طريق المعنى اللغوي،مع الربط بينهما.

وأذكر أنه تكلم بعض الشباب عن الشيخ وأنه لا يجيد العربية وأسرارها، فرد عليه أحد الجلوس قائلاً له: إنك نزلت من بطن أمك تبكي، بيد أن الشعراوي نزل من بطن أمه قائلاً: ظل، بات، صار، أمسَ، أصبح، كناية عن تعمق الرجل في اللغة وأسرارها.

5 - كان الشيخ ـ رحمه الله ـ يحاول الربط بين الآيات القرآنية، والاكتشافات العلمية الحديثة دونما تكلف.

6 - كثيرًا كان الشيخ ـ رحمه الله ـ يرد أقوال المستشرقين وأذنابهم من العلمانين برد علمي منطقي واضح ..

7 - استطاع الشيخ ـ رحمه الله ـ أن يرد شبهات كثير اليهود والنصارى وأن يقلق مضاجعهم ويثير حفيظتهم، ويبطل حججهم، دون أن يخشر لائمة من أحد حتى أعلنت الحكومة الإسرائيلية قلقها من مثل هذه الأمور وأخبرت الحكومة المصرية بذلك، فقامت أجهزة الإعلام بـ " فلترة " المادة قبل عرضها وحذف ما يمكن حذفه مما يتعقلق باليهود خصوصًا وبالنصارى كذلك.

8 - كان الشيخ ـ رحمه الله ـ يبسط بأسلوبه الرائع ما استغلق على الناس فهمه، ودق عليهم علمه، وهذا ما حدا به أن ينزل من أسلوب الفصحى ـ وإن كان قديرًا عليه ـ إلى الأسلوب العامي في كثير من الأوقات، بل وأغلبها كذلك.

9 - غير أن الحق الذي يقال فإن الشيخ ـ رحمه الله ـ كان قليل البضاعة في علم الحديث، ومن ثم فقد كان قليل الاستشهاد بأحاديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولربما كان يستغنى في التفسير بالقرآن واللغة عن التفسير بالسنة أو التأييد بها.

منقول وللإستزادة والوقوف على ترجمة الشيخ الشعراوي رحمه الله إليك هذا الرابط:

http://islamweb.net/pls/iweb/misc1.Article?vArticle=11654&thelang=A

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير