ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 May 2003, 01:42 ص]ـ
الوقفة الثانية: أوجه النسخ في القرآن
أوجه النسخ في القرآن
قال ابن عبدالبر - في شرحه لحديث عائشة أنها أملت مولاها أبا يونس {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى - وصلاة العصر - وقوموا لله قانتين} ثُمَّ قالت: سمعتُها من رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) - قال: (وفيه ما يدل على مذهب من قال: إن القرآن نسخ منه ما ليس في مصحفنا اليوم.
ومن قال بهذا القول يقول: إن النسخ على ثلاثة أوجه في القرآن:
أحدها: ما نسخ خطه وحكمه وحفظه، فنسي، يعني رفع خطه من المصحف، وليس حفظه على وجه التلاوة؛ ولايقطع بصحته على الله، ولايحكم به اليوم أحد؛ وذلك نحو ما روي أنه كان يقرأ: لاترغبوا عن آبائكم، فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم (2).
ومنها قوله: لو أن لابن آدم وادياً من ذهب، لابتغى إليه ثانياً، ولو أن له ثانياً، لابتغى إليه ثالثاً، ولايملأ جوف ابن آدم إلاَّ التراب ويتوب الله على من تاب. قيل: إن هذا كان في سورة ص~ (3).
ومنها: {بلغوا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه} وهذا من حديث مالك عن إسحاق، عن أنس، أنه قال: أنزل الله في الذين قتلوا ببئر معونة قرآناً قرأناه، ثُمَّ نسخ بعد: (بلغوا قومنا ... ) فذكره (4).
ومنها قول عائشة: كان فيما أنزل الله من القرآن عشر رضعات ثُمَّ نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وص~ مِمَّا يقرأ (5).
إلى أشياء في مصحف أبيّ، وعبدالله، وحفصة، وغيرهم مِمَّا يطول ذكره.
ومن هذا الباب، قول من قال: إن سورة الأحزاب، كانت نحو سورة البقرة أو الأعراف، روى سفيان، وحماد بن زيد، عن عاصم، عن زر بن حبيش، قال: قال لي أبيّ بن كعب: كائن تقرأ سورة الأحزاب، أو كائن تعدها؟ قلتُ: ثلاثاً وسبعين آية، قال: قط، لقد رأيتها وإنها لتعادل البقرة، ولقد كان فيما قرأناه فيها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة، نكالاً من الله، والله عزيز حكيم (6).
وقال مسلم بن خالد عن عمرو بن دينار (7) قال: كانت سورة الأحزاب تقارن سورة البقرة.
(وروى أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا سيف عن مجاهد، قال: كانت الأحزاب مثل سورة البقرة أو أطول، ولقد ذهب يوم مسيلمة قرآن كثير، ولم يذهب منه حلال ولا حرام).
أخبرنا عيسى بن سعيد بن سعدان (المقرئ) قال: أخبرنا أبو القاسم إبراهيم بن أحمد بن جعفر الخرقي المقرئ، قال: أخبرنا أبو الحسن صالح بن أحمد القيراطي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، قال: أخبرني يحيى بن آدم قال: أخبرنا عبدالله بن الأجلح، عن أبيه عن عدي بن عدي بن عميرة بن فروة عن أبيه عن جده عميرة بن فروة، أن عمر بن الخطاب قال لأبيّ - وهو إلى جنبه -: أوليس كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟ فقال: بلى، ثُمَّ قال: أوليس كنا نقرأ: الولد للفراش وللعاهر الحجر - فيما فقدنا من كتاب الله؟ فقال أبي: بلى (8).
والوجه الثاني: أن ينسخ خطه ويبقى حكمه، وذلك نحو قول عمر بن الخطاب: لولا أن يقول قوم زاد عمر في كتاب الله، لكتبتها بيدي: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة بما قضيا من اللذة، نكالاً من الله، والله عزيز حكيم. فقد قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (9).
فهذا مِمَّا نسخ ورفع خطه من المصحف وحكمه باق في الثيب من الزناة إلى يوم القيامة - إن شاء الله - عند أهل السنة.
ومن هذا الباب قوله في هذا الحديث: وصلاة العصر - (في مذهب من نفى أن تكون الصلاة الوسطى هي صلاة العصر).
وقد تأول قوم في قول عمر: قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي تلوناها، والحكمة تتلى، بدليل قول الله عزوجل: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءَايَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ"} [الأحزاب: 34].
وبين أهل العلم في هذا تنازع يطول ذكره.
¥