تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Jan 2004, 01:48 م]ـ

قال الشنقيطي رحمه الله في بعض مسائل النسخ المستنبطة من قول الله تعالى: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (النحل:101)

(المسألة الثالثة: اعلم أن ما يقوله بعض أهل الأصول من المالكية والشافعية وغيرهم: من جواز النسخ بلا بدل، وعزاه غير واحد للجمهور، وعليه درج في المراقي بقوله:

وينسخ الخف بما له ثقل وقد يجيء عاريا من البدل

أنه باطل بلا شك. والعجب ممن قال به العلماء الأجلاء مع كثرتهم، مع أنه مخالف مخالفة صريحة لقوله تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} فلا كلام البتة لأحد بعد كلام الله تعالى: {أَصْدَقُ مِنَ ?للَّهِ قِيلاً}، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ?للَّهِ حَدِيثاً}، {ءَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ?للَّهُ} فقد ربط جل وعلا في هذه الآية الكريمة بين النسخ، وبين الإتيان ببدل المنسوخ على سبيل الشرط والجزاء. ومعلوم أن الصدق والكذب في الشرطية يتواردان على الربط. فيلزم أنه كلما وقع النسخ وقع الإتيان بخير من المنسوخ أو مثله كما هو ظاهر.

وما زعمه بعض أهل العلم من أن النسخ وقع في القرآن بلا بدل وذلك في قوله تعالى: {ي?أَيُّهَا ?لَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نَـ?جَيْتُمُ ?لرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَ?كُمْ صَدَقَةً} فإنه نسخ بقوله: {أَءَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَ?كُمْ صَدَقَـ?تٍ}، ولا بدل لهذا المنسوخ.

فالجواب ـ أن له بدلاً، وهو أن وجوب تقديم الصدقة أمام المناجاة لما نسخ بقي استحباب الصدقة وندبها، بدلاً من الوجوب المنسوخ كما هو ظاهر.)

ـ[أبو صلاح الدين]ــــــــ[13 Jul 2005, 04:11 م]ـ

بارك الله فيك على طرحك العميق للموضوع -كما عودتنا دائما-.

زادك الله بسطة في العلم والجسم, ونفع بك الإسلام والمسلمين ((في مشارق الأرض ومغاربها)) ... امين امين.

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Jan 2006, 11:15 م]ـ

عقد ابن القيم رحمه الله فصلاً في كتابه القيم " مفتاح دار السعادة " ذكر فيه سراً بديعا من أسرار الخلق والأمر وهو أن الله لم يخلق شيئاً ولم يأمر بشيء ثم أبطله وأعدمه بالكلية، بل لا بد أن يثبته بوجه ما؛ لأنه إنما خلقه لحكمة له في خلقه ......

ومما جاء فيه - مع اختصار يسير -: (وإذا تأملت الشريعة والخلق رأيت ذلك ظاهراً. وهذا سر قل من تفطن له من الناس؛ فتأمل الأحكام المنسوخة حكماً حكماً كيف تجد المنسوخ لم يبطل بالكلية، بل له بقاء بوجه.

فمن ذلك نسخ القبلة وبقاء بيت المقدس معظماً محترماً تشد إليه الرحال ويقصد بالسفر إليه وحط الأوزار عنده واستقباله مع غيره من الجهات في السفر فلم يبطل تعظيمه واحترامه بالكلية، وإن بطل خصوص استقباله بالصلوات فالقصد إليه ليصلى فيه باق وهو نوع من تعظيمه وتشريفه بالصلاة فيه والتوجه إليه قصداً لفضيلته وشرعه له نسبة من التوجه إليه بالاستقبال بالصلوات فقدم البيت الحرام عليه في الاستقبال لأن مصلحته أعظم وأكمل وبقي قصده وشد الرحال إليه والصلاة فيه منشأ للمصلحة فتمت للأمة المحمدية المصلحتان المتعلقتان بهذين البيتين. وهذا نهاية ما يكون من اللطف وتحصيل المصالح وتكميلها لهم فتأمل هذا الموضع.

ومن ذلك نسخ التخيير في الصوم بتعيينه؛ فإن له بقاءً وبياناً ظاهراً وهو أن الرجل إذا أراد أفطر وتصدق فحصلت له مصلحة الصدقة دون مصلحة الصوم، وإن شاء صام ولم يفد فحصلت له مصلحة الصوم دون الصدقة. فحتم الصوم على المكلف لأن مصلحته أتم وأكمل من مصلحة الفدية وندب إلى الصدقة في شهر رمضان فإذا صام وتصدق حصلت له المصلحتان معاً. وهذا أكمل ما يكون من الصوم وهو الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان أجود ما يكون في رمضان فلم تبطل المصلحة الأولى جملة بل قدم عليها ما هو أكمل منها وجوباً وشرع الجمع بينها وبين الأخرى ندباً واستحباباً.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير