تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حيث قام بالترجمة للدكتور محمد حسين الذهبي، وتحدث عن كتابه (التفسير والمفسرون) حديثاً شيقاً، وهو ذو معرفة بالدكتور الذهبي، ومن المعجبين بالدكتور محمد حسين الذهبي رحمه الله، مع أنه لم يلقه إلا ثلاث مرات كما ذكر في ترجمته.

وقد سجل البيومي اللقاءات الثلاثة مع الدكتور الذهبي، وفي ذكرها فائدة.

يقول الدكتور محمد رجب البيومي

اللقاء الأول:

وقد قابلت الدكتور الذهبي ثلاث مرات فحسب! وهي لقاءات علمية لم تخرج عن حد السؤال والجواب، والرد والاعتراض في بساطة يعرفها أصدقاء الرجل، فقد كنت أؤلف كتاباً عن (خطوات التفسير البياني) أعرض فيه جهود البيانيين من المفسرين الذين تناولوا كتاب الله من الناحية البلاغية، وفي مطالعاتي المتكررة عرفت من بعض الكاتبين أن للزمخشري نظيراً في منحاه البياني، هو ابن عطية الأندلسي، صاحب التفسير المسمى (بالمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز) فرأيت من مستلزمات البحث أن أقرأ هذا التفسير، وأدرس اتجاهه البياني، وكان لا يزال مخطوطاً، وبه أجزاء متفرقة في دار الكتب المصرية، فحاولت الاطلاع عليها أكثر من مرة، فلم أجد معيناً بالدار، إذ تعللوا بتمحلات لا مبرر لها، فتذكرت أن الأستاذ الدكتور محمد حسين الذهبي كتب عن هذا التفسير في مؤلفه الكبير (التفسير والمفسرون)، وقد خصه بباب منفرد، فعلمت موعد حضوره بالكلية، وذهبت إلى لقائه، وقلت: إني في حاجة إلى معرفة اتجاه ابن عطية في تفسيره القرآني، وقد اتصلت بدار الكتب بدون جدوى، وقرأت ما جاء في كتابكم القيم، فهرعت إلى الاستزادة منك.

فسألني عما أقوم به من تأليف في هذا المجال. فقلت: إني أضع كتاباً أرصد فيه خطوات التفسير البياني على مر العصور، وقد قرأت أن ابن عطية يسهم في هذا المجال بنصيب وافر، وأنه يُقرن بالزمخشري في اتجاهه البياني!

فصمت الرجل قليلاً، وقال: الذي أعرفه من قراءتي لبعض أجزاء التفسير المخطوطة بدار الكتب، أن الناحية البلاغية فيه ضعيفة جداً، وأنه لا يقرن بالزمخشري في هذا المجال.

قد يكون المفسر موضحاً لآيات التشبيه والاستعارة والمجاز في النص القرآني، ولا بد أن يفعل، ولكنه لا يزيد في ذلك عما يذكره النيسابوري، أو الألوسي، أو الفخر الرازي، والذين يقرنونه بالزمخشري في هذا المجال قد ظلموه، فإذا كنت قد خصصت كتابك للتفسير البياني وحده فلن تجد عنده شيئاً ذا بال متميز!.

ورأيت المجال يسمح بالحديث عن كتاب الدكتور عن التفسير والمفسرين بأجزائه الثلاثة الكبار، فقلت: إن أستاذنا قد وضع أول كتاب يؤرخ التفسير القرآني على نحو جديد معاصر، إذ لم يسبقه في هذا المجال قدر اطلاعي المحدود من أبناء العربية كاتب معاصر!

فنظر الأستاذ متفرساً في وجهي، ثم قال: أصدقك الرأي يا أخي أني غير راضٍ عما كتبتُ، فقد كنت أوثر أن أكتب عن عصر واحد من عصور التفسير، لأشبع القول بما يرضي حاجة نفسي، ولكن الرسالة العلمية التي وافق مجلس الكلية على عنوانها قد شملت تفسير القرآن جميعه، فجعلت أسبح في محيط لا أعرف أوله من منتهاه، وكان الجهد شاقاً في قراءة المخطوطات المتآكلة، واستيفاء المصادر البعيدة، مما أوقعني طيلة إعداد الرسالة في تأزم مستمر، وأعتقد أني قمت بالمستطاع فحسب، لا بما يجب أن أقوم به.

وتابع الدكتور الذهبي حديثه قائلاً: لقد علمت أن المستشرق المجري الأستاذ (جولد زيهر) أصدر بالألمانية كتاباً عن تاريخ التفسير، فسعيت حتى عرفت أن نسخة منه بجامعة فؤاد، وهنا أخذت ألح على أساتذتي بالكلية ممن يعرفون الألمانية أن يتكرموا بترجمة الفهرس فقط، لأرى اتجاه المستشرق في التأليف، فقد يفيدني، فاعتذروا عن هذا العمل الهين، ولو وقع في يدي هذا الفهرس لنفعني، إما متابعة أو معارضة، ثم ترجم الكتاب بعد أن أعددت الرسالة، وأقبلت على قراءته، فلم أسترح لكثير مما جاء به، ولو ترجم الكتاب جميعه وأنا أضع الرسالة لتتبعته بالنقد المنصف.

قلت: ولكني أتذكر أنك عددت الجزء الأول من كتاب (جولد زيهر) من مراجعك؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير