قال: أنت على صواب، فقد ظهر الجزء الأول بعد مناقشة الرسالة، وقبل طبع الكتاب، فجعلته مرجعاً لمن يريد الاستفادة، وحاولت أن أضيف إلى الرسالة فقرات تتعلق به في موضعين أو ثلاثة من الرسالة بعد مناقشتها ثم رأيت أن العمل يتطلب كتاباً مستقلاً، وأذكر أن مترجم الكتاب لأول مرة، وهو الدكتور علي حسن عبدالقادر، ومترجمه للمرة الثانية وهو الدكتور عبدالحليم النجار، وكلاهما من نابغي الأزهر، وقد علقا على الآراء الشاذة بإيجاز، والأمر يتطلب الاستيفاء ... وهكذا دار الحديث.
وأترك اللقاء الثاني لمشاركة أخرى، وأقف مع هذا اللقاء وقفات:
الأولى: معرفة مدى نفع كتاب (التفسير والمفسرون) وقت خروجه للناس، حيث قد تحدث عن مناهج كتب لم تطبع، وحسبك بتفسير ابن عطية دليلاً، مع شهرته. واليوم ولله الحمد قد طبع طبعات كثيرة، أفضلها طبعة وزارة الأوقاف القطرية، وله طبعة في مدينة فاس المغربية.
الثانية: مدى عناية كل من الذهبي والبيومي بالعلم، والتحقق منه، والسعي وراءه، بكل وسيلة ممكنة، وأن ما يعانيه الباحث في وقتنا هذا لا يقارن بما كان يعانيه في ذلك الوقت، فلنا فيهم أسوة حسنة جزاهم الله خيراً.
الثالثة: الحرص على الرجوع للمصادر ولو كانت في عالم المخطوطات، وما أهون كلمة: (لم أجده فيما بين يدي من المصادر!) عندنا اليوم، ولو كان الكتاب في مكتبة عامة قريبة، أو لدى أحد الأصدقاء!
الرابعة: أن لقاء الخبير بالأمر من أنفع ما يكون لطالب العلم، فهذا اللقاء مع الذهبي قد أعطى صورة موجزة عن كتاب بن عطية في جانب البلاغة والبيان، ثبت فيما بعد صدقها. وقديماً قالت العرب: على الخبير وقعت! وخير من ذلك قول الله تعالى: (ولا ينبئك مثل خبير).
حيث قد درس الدكتور عبدالوهاب فايد في كلية أصول الدين في الأزهر، منهج ابن عطية في التفسير بعد ذلك، وتوصل إلى ما ذكره الذهبي رحمه الله، ثم طبع بعد ذلك كتاب المحرر الوجيز، فكان كما قال.
وقد عقد فايد مقارنة بين الزمخشري وبين ابن عطية في جانب المباحث البلاغية والعناية بها، وظهر له أن الزمخشري تفوق في هذه الناحية على كل المفسرين.
الخامسة: درس لطلاب الدراسات العليا والباحثين، وهو أن البحث في الموضوعات المحددة التي يمكن التركيز عليها خلال المدة المقررة للبحث أمر في غاية الأهمية، لأن الوقت المحدد للرسائل العلمية لا يتسع لبعض المشروعات العلمية. ولذلك فإن التركيز على مسألة محددة أدعى للإتيان بما يفيد وينفع.
وللحديث صلة إن شاء الله.
ـ[القميحي]ــــــــ[01 Jun 2003, 01:08 م]ـ
جزاكم الله خيرا وأحسن الله إليكم
إنني أفكر الآن أن أكتب دراسة تقويمية للكتاب
فما هو تصوركم لمثل هذه الدراسة، اعلم ان جزءا كبيرا من هذا التقويم قد تناوله الباحثون حينما درسوا مناهج المفسرين التي تحدث عنها الشيخ الذهبي في كتابه وأشبعوها دراسة بعد ان ظهر ان تشعب البحث، وعدم طبع كثير من التفاسير في هذا الوقت المبكر حال دون التفصيل الكافي لمناهج هؤلاء المفسرين ناهيكم عن فقدان الكتاب للمنهجية التحليلة وكان يميل رحمه الله إلى المنهج الوصفي العرضي ولم يسعفه الوقت في تحليل كثير من الظواهر التفسيرية التي برزت خلال حديثه عن تاريخ التفسير
كما لاحظت ان الكتاب لم يفرق بين المنهجية المفسر وبين طريقته وظهر جليا ان المفوهمين متداخلان عند الشيخ وكان ينبغي ان يفرق بين المنهج وبين طريقة المفسر
ثم إن الشيخ قد احدث قولا وسار عليه من بعده بتقليد عجيب دون تدبر وربما اذهلتهم جدة الكتاب وحسن ثناء المعاصرين عليه وكونه جديدا في بابه عن هذه الملاحظة وهو ان التفسير كان في مرحلة من مراحله تفسيرا جامدا لا يساير جديد الحياة.
هذا الرأي هو الذي جرأ من قاموا فيما بعد بعملية تجديد التفسير وإطلاق العنان للعقل فخرج التيار العقلاني
والصحيح ان التفسير في المرحلة التي اشار إليها الدكتور الذهبي على أنها فترة جمود هي فترة تفسير رصين فمن قال إن الكشف عن بلاغة القرآن وحسن نظمه لا يعتبر تفسيرا؟
كما ان الحياة في تلك الفترة التي وصف فيها التفسير بالجمود كان الشرع فيها محكما، والاسلام هو المرجعية العليا للناس اما الوعظ والتذكير فهو متروك للوعاظ والدعاة
الشيخ الفاضل ما رأيكم في الشروع في دراسة تقويمية لبعض آراء الذهبي في مثل تلك القضايا التي من جنسها أيضا تقسيم مناهج التفسير الى اثري وعقلي دون وجود مناهج اخرى؟
أريد رأيكم ودام فضلكم
محبكم
د. عثمان عبد الرحيم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Jun 2003, 04:23 م]ـ
وفقكم الله يا أخي الدكتور عثمان عبدالرحيم
ومعذرة على التقدم بين يديكم بالحديث عن الكتاب، ولكن عدم معرفتي بكم وراء الاسم (القميحي) أوقعني في ذلك، ولذلك أرجو منكم أولاً أن تتكرموا بكتابة الاسم كاملاً في التوقيع (الدكتور عثمان عبدالرحيم القميحي) مع كتابة مكان العمل الحالي حتى أتنبه ويتنبه أمثالي من صغار طلاب العلم مستقبلاً.
وأما ما أشرت إليه من نيتك الكتابة حول كتاب (التفسير والمفسرون) للذهبي رحمه الله، فهو عمل جيد ولا شك، مع حاجته إلى التمحيص والتأني، للوقوف عند أفكاره التي ضاق الوقت عليه رحمه الله أن يستوفي البحث فيها، ولذلك فهو كان يرى أنه قد قام بما احتمله الوقت، ولم يقم بما يجب. مع أنه قد شق الطريق لمن جاء بعده، وقديماً قال الأول:
ولو قبل مبكاها بكيت صبابة **بسعدى شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكتب قبلي، فهيج لي البكا** بكاها، فقلت:الفضل للمتقدمِ
وأنا لست على يقين أنه لم تكن هناك دراسات حول الكتاب في أي جامعة من جامعات العالم الكثيرة، فلعلكم تسألون عن ذلك، ولعل الإخوة في الملتقى يشاركون في الأمر. فإن تبين لك عدم القيام بهذا الأمر من قبل، فأنت أهل لمثل ذلك، أسأل الله لك العون والسداد.
وأكرر اعتذاري مرة أخرى.
¥