تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والسنة مملوءان بما يدل على أن الرجل لا يثبت له حكم الإيمان إلا بالعمل مع التصديق. وهذا في القرآن أكثر بكثير من معنى الصلاة والزكاة. فإن تلك إنما فسرتها السنة " والإيمان " بين معناه الكتاب والسنة وإجماع السلف. (الثاني عشر): أنه إذا قيل: إن الشارع خاطب الناس بلغة العرب ; فإنما خاطبهم بلغتهم المعروفة وقد جرى عرفهم أن الاسم يكون مطلقا وعاما ثم يدخل فيه قيد أخص من معناه كما يقولون: ذهب إلى القاضي والوالي والأمير يريدون شخصا معينا يعرفونه دلت عليه اللام مع معرفتهم به. وهذا الاسم في اللغة اسم جنس لا يدل على خصوص شخص وأمثال ذلك. فكذلك الإيمان والصلاة والزكاة إنما خاطبهم بهذه الأسماء بلام التعريف وقد عرفهم قبل ذلك أن المراد الإيمان الذي صفته كذا وكذا. والدعاء الذي صفته كذا وكذا. فبتقدير أن يكون في لغتهم التصديق. فإنه قد يبين أني لا أكتفي بتصديق القلب واللسان فضلا عن تصديق القلب وحده بل لا بد أن يعمل بموجب ذلك التصديق كما في قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا} {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} وفي قوله صلى الله عليه وسلم " {لا تؤمنون حتى تكونوا كذا} ". وفي قوله تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله}. وفي قوله: {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء}. ومثل هذا كثير في الكتاب والسنة كقوله عليه السلام: " {لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن} ". وقوله: " {لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه} ". وأمثال ذلك. فقد بين لهم أن التصديق الذي لا يكون الرجل مؤمنا إلا به هو أن يكون تصديقا على هذا الوجه. وهذا بين في القرآن والسنة من غير تغيير للغة ولا نقل لها. (الثالث عشر): أن يقال: بل نقل وغير. قوله: لو فعل لتواتر. قيل: نعم. وقد تواتر أنه أراد بالصلاة والزكاة والصيام والحج معانيها المعروفة. وأراد بالإيمان ما بينه بكتابه وسنة رسوله من أن العبد لا يكون مؤمنا إلا به كقوله: {إنما المؤمنون} وهذا متواتر في " القرآن والسنن " ومتواتر أيضا أنه لم يكن يحكم لأحد بحكم الإيمان إلا أن يؤدي الفرائض. ومتواتر عنه أنه أخبر أنه: من مات مؤمنا دخل الجنة ولم يعذب وأن الفساق لا يستحقون ذلك ; بل هم معرضون للعذاب. فقد تواتر عنه من معاني اسم الإيمان وأحكامه ما لم يتواتر عنه في غيره فأي تواتر أبلغ من هذا وقد توفرت الدواعي على نقل ذلك وإظهاره ولله الحمد. ولا يقدر أحد أن ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم نقلا يناقض هذا. لكن أخبر أنه يخرج منها من كان معه شيء من الإيمان. ولم يقل: إن المؤمن يدخلها , ولا قال إن الفساق مؤمنون. لكن أدخلهم في مسمى الإيمان في مواضع كما أدخل المنافقين في اسم الإيمان في مواضع مع القيود. وأما الاسم المطلق الذي وعد أهله بالجنة ; فلم يدخل فيه لا هؤلاء ولا هؤلاء. (الوجه الرابع عشر): قوله: ولا وجه للعدول - بالآيات التي تدل على أنه عربي - عن ظاهرها ; فيقال له: الآيات التي فسرت المؤمن وسلبت الإيمان عمن لم يعمل ; أصرح وأبين وأكثر من هذه الآيات. ثم إذا دلت على أنه عربي ; فما ذكر لا يخرجه عن كونه عربيا. ولهذا لما خاطبهم بلفظ الصلاة والحج وغير ذلك ; لم يقولوا: هذا ليس بعربي. بل خاطبهم باسم المنافقين وقد ذكر أهل اللغة أن هذا الاسم لم يكن يعرف في الجاهلية ولم يقولوا: إنه ليس بعربي ; لأن المنافق مشتق من نفق إذا خرج ; فإذا كان اللفظ مشتقا من لغتهم وقد تصرف فيه المتكلم به كما جرت عادتهم في لغتهم ; لم يخرج ذلك عن كونه عربيا. (الوجه الخامس عشر): أنه لو فرض أن هذه الألفاظ ليست عربية فليس تخصيص عموم هذه الألفاظ بأعظم من إخراج لفظ الإيمان عما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف , فإن النصوص التي تنفي الإيمان عمن لا يحب الله ورسوله ولا يخاف الله ولا يتقيه ولا يعمل شيئا من الواجب ولا يترك شيئا من المحرم ; كثيرة صريحة. فإذا قدر أنها عارضها آية ; كان تخصيص اللفظ القليل العام أولى من رد النصوص الكثيرة الصريحة. (السادس عشر): أن هؤلاء واقفة في ألفاظ العموم لا يقولون بعمومها , والسلف يقولون: الرسول وقفنا على معاني الإيمان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير