تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر} ". رواه مسلم. وقال تعالى: {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} ومثل هذا كثير. وفي الجملة: حيث ذكر الله في كتابه عن أحد من الخلق من الأنبياء أو أتباعهم أو مكذبيهم أنهم قالوا ويقولون وذلك قولهم وأمثال ذلك ; فإنما يعني به المعنى مع اللفظ. فهذا اللفظ وما تصرف منه من فعل ماض ومضارع وأمر ومصدر واسم فاعل من لفظ القول والكلام ونحوهما ; إنما يعرف في القرآن والسنة وسائر كلام العرب إذا كان لفظا ومعنى وكذلك أنواعه كالتصديق والتكذيب والأمر والنهي وغير ذلك. وهذا مما لا يمكن أحدا جحده فإنه أكثر من أن يحصى. ولم يكن في مسمى " الكلام " نزاع بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وتابعيهم لا من أهل السنة ولا من أهل البدعة. بل أول من عرف في الإسلام أنه جعل مسمى الكلام المعنى فقط هو عبد الله بن سعيد بن كلاب وهو متأخر - في زمن محنة أحمد بن حنبل - وقد أنكر ذلك عليه علماء السنة وعلماء البدعة فيمتنع أن يكون الكلام الذي هو أظهر صفات بني آدم - كما قال تعالى: {فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون}. ولفظه لا تحصى وجوهه كثرة - لم يعرفه أحد من الصحابة والتابعين وتابعيهم حتى جاء من قال فيه قولا لم يسبقه إليه أحد من المسلمين ولا غيرهم. فإن قالوا: فقد قال الله تعالى: {ويقولون في أنفسهم} وقال: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة} ونحو ذلك. قيل: إن كان المراد أنهم قالوه بألسنتهم سرا فلا حجة فيه. وهذا هو الذي ذكره المفسرون. قالوا: كانوا يقولون: سام عليك فإذا خرجوا يقولون في أنفسهم أي يقول بعضهم لبعض: لو كان نبيا عذبنا بقولنا له ما نقول. وإن قدر أنه أريد بذلك أنهم قالوه في قلوبهم فهذا قول مقيد بالنفس مثل قوله: " {عما حدثت به أنفسها} " ولهذا قالوا: {لولا يعذبنا الله بما نقول} فأطلقوا لفظ القول هنا والمراد به ما قالوه بألسنتهم لأنه النجوى والتحية التي نهوا عنها كما قال تعالى: {ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول}. مع أن الأول هو الذي عليه أكثر المفسرين وعليه تدل نظائره ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " {يقول الله: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منه} " ليس المراد أنه لا يتكلم به بلسانه بل المراد أنه ذكر الله بلسانه. وكذلك قوله: {واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول} هو الذكر باللسان والذي يقيد بالنفس لفظ الحديث يقال: حديث النفس , ولم يوجد عنهم أنهم قالوا: كلام النفس وقول النفس ; كما قالوا: حديث النفس ولهذا يعبر بلفظ الحديث عن الأحلام التي ترى في المنام كقول يعقوب عليه السلام: {ويعلمك من تأويل الأحاديث}. وقول يوسف: {وعلمتني من تأويل الأحاديث} وتلك في النفس لا تكون باللسان ; فلفظ الحديث قد يقيد بما في النفس بخلاف لفظ الكلام فإنه لم يعرف أنه أريد به ما في النفس فقط. وأما قوله تعالى: {وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور} فالمراد به القول الذي تارة يسر به فلا يسمعه الإنسان وتارة يجهر به فيسمعونه كما يقال: أسر القراءة وجهر بها وصلاة السر وصلاة الجهر. ولهذا لم يقل: قولوه بألسنتكم أو بقلوبكم وما في النفس لا يتصور الجهر به وإنما يجهر بما في اللسان وقوله: {إنه عليم بذات الصدور} من باب التنبيه. يقول: إنه يعلم ما في الصدور فكيف لا يعلم القول كما قال في الآية الأخرى: {وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى} فنبه بذلك على أنه يعلم الجهر ويدل على ذلك أنه قال: {وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور} فلو أراد بالقول ما في النفس لكونه ذكر علمه بذات الصدور لم يكن قد ذكر علمه بالنوع الآخر وهو الجهر. وإن قيل: نبه , قيل: بل نبه على القسمين. وقوله تعالى: {آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا} قد ذكر هذا في قوله: {ثلاث ليال سويا} وهناك لم يستثن شيئا , والقصة واحدة وهذا يدل على أن الاستثناء منقطع والمعنى آيتك ألا تكلم الناس لكن ترمز لهم رمزا كنظائره في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير