أولاً: انتهاجه طريقة المتكلمين المنتسيين للأشعري في تفسير الآيات العقدية، مخالفاً بذلك طريق السلف الصالح، ذوي المذهب الأعلم والأحكم والأسلم، وهم من أشاد بهم الواحدي والتزم تقديم أقوالهم في تفسير القرآن، بيد أنه في هذه الآيات وتلك القضايا لم يلتزم ماالتزم به، ونحا غير طريقتهم، وسلك درباً غير دربهم.
ثانياً: ذكره لبعض الروايات الإسرائيلية المنكرة، التي هي عيب كثير من كتب التفسير، وقد كان فيها متأثراً بتفسير شيخه الثعلبي، وإن كان أقل منه بكثير في هذا الباب، إلا أنه لم يسلم، مع أنه قد وعد في مقدمة كتابه بالإعراض عنها، وعن مثلها، فقال: "فأما الأقوال الفاسدة، والتفسير المرذول الذي لايحتمله اللفظ، ولا تساعده العبارة، فمما لم أعبأ به، ولم أضيع الوقت بذكره". لكنه –رحمه الله- أخل بما التزم، ولم يوف بالشرط على الوجه الذي ذكر.
ثالثاً: إيراده الروايات الموضوعة والضعيفة، كالتفسير الذي رواه عطاء عن ابن عباس، وقد بينت فيما سبق ضعف هذا التفسير، وضعف غيره من المرويات التي اعتمدها عن ابن عباس دون تمحيص أو بيان، كرواية الكلبي والعوفي.
رابعاً: الإطالة الواضحة في المباحث اللغوية والنحوية بما يخرج الكتاب عن مقصوده الأعظم، وهو تفسير كلام الله، ولذا ثرب السيوطي عليه قائلاً: "فالنحوي تراه ليس له هم إلا الإعراب، وتكثير الأوجه المحتملة فيه، ونقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافياته، كالزجاج والواحدي في البسيط".
وقبل السيوطي عد الزركشيُّ تفسير البسيط مما غلب عليه شرح الغريب حيث يقول:" ... وقد أكثر الناس فيه-أي التفسير- من الموضوعات، مابين مختصر ومبسوط، وكلهم يقتصر على الفن الذي يغلب عليه، فالزجاج والواحدي في البسيط يغلب عليهما الغريب .... ".
خامساً: كثرة النقول وطولها، وهذا عين ما عيب على شيخه الثعلبي، قال شيخ الإسلام: " والثعلبي يذكر ماقاله غيره، سواء قاله ذاكراً أو آثراً، مايكاد هو ينشئ من عنده عبارة ". هذا فضلاً عن اختلاف منهجه في العزو،فمرة يذكر القائل ومرة يغفله تماماً، وقد ينقل كلاماً لغيره لايعزوه، ثم يعزو إليه جملة في آخره، توهم أن هذه الجملة فقط من كلامه، بينما جميع ماتقدم كان منه وليس من الواحدي.
سادساً: رواية الواحدي عن شيوخه بأسماء غير مااشتهروا بها، وهذا مايسمى عند علماء مصطلح الحديث: تدليسَ الشيوخ، وهو أقل أنواع التدليس خطورة. ومن أمثلته، عندما يذكر شيخه سعيد بن محمد الحيري، يذكره مرة هكذا، ومرة يقول: سعيد بن محمد المقرئ.
وهكذا عندما يذكر أبا علي الفارسي، يذكره في بعض المواضع قائلاً: أبو علي الفسوي.
وقال في موضع: "وقد أخبرنا أبو الحسين بن أبي عبدالله الفسوي –رضى الله عنه- أنبا أحمد بن محمد الفقيه "، يعني بالأول شيخه عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي، فذكره بكنيته وذكر أباه كذلك، ونسبه إلى قريته "فسا"، ويعني بالثاني: أحمد بن محمد الخطابي البستى، فأغمض في اسميهما، وأبعد في التعريف بهما –رحمه الله-.
سابعاً: ضخامة الكتاب، وغلظ حجمه مما أضعف الانتفاع به، وحد من انتشاره، وهذا أمر قد انتقده الواحدي على بعض المتقدمين، حيث إنه عندما ذكر سبب تأليفه، بين أن بعض التلاميذ "شكوا إلى غلظ حجم المصنفات في التفسير، وأن الواحدة منها تستغرق العمر كتبتها، ويستنزف الروح سماعها وقراءتها، ثم صاحبها بعد أن أنفق العمر على تحصيلها، ليس يحظى منها بطائل تعظم عائدته، وتعود عليه فائدته".
وقد وقع –رحمه الله- فيما عاب عليه غيره، من أهل التفسير، والعجيب أنه مع تلك الإطالة الظاهرة يدعي الإيجاز فيما جاء به، فيقول: " ... سالك نهج الإعجاز في الإيجاز، مشتمل على مانقمت على غيري إهماله، ونعيت عليه إغفاله، خالٍ عما يكسب المستفيد ملالة، ويتصور عند المتصفح إطالة "، ويقول:" ثم إن هذا الكتاب عجالة الوقت، وقبسة العجلان، وتذكرة يستصحبها المرء حيثما حل وارتحل" ثم وعد بكتاب أوفى منه وأجمع.
ثامناً: ومما يؤخذ على الواحدي في جانب الرواية جمع روايات الضعفاء في القصة الواحدة، وسوقها مساقاً واحداً دون تمييز، حتى لايدرى خبر الثقة من غيره، وهذه قد وقع فيها الواحدي تبعاً لشيخه الثعلبي.
ومن ذلك قول الثعلبي عند قول الله تعالى (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة: 286] قال الثعلبي: "روت الرواة بألفاظ مختلفة، فقال بعضهم: لما نزلت هذه الآية ... وهذا قول ابن مسعود وأبي هريرة وعائشة وابن عباس ..... " وسرد جماعة من التابعين وأتباعهم. ونقل مثله الواحدي في تفسير الآية، قال الحافظ ابن حجر – معلقاً على هذا الصنيع -: وهذا من عيوب كتابه، ومن تبعه عليه، يجمعون الأقوال عن الثقات وغيرهم، ويسوقون القصة مساقاً واحداً على لفظ من يُرمى بالكذب أو الضعف الشديد، ويكون أصل القصة صحيحاً، والنكارة في ألفاظٍ زائدة كما في هذه القصة، من تسمية الذين ذكروا، وفي كثير من الألفاظ التي نقلت، والسياق في هذه بخصوصها إنما هو لبعضهم".
تاسعاً: ومما يؤخذ على الواحدي عدم تبيين الراوي عن ابن عباس وغيره في بعض المواطن-،فلا يدرى هل هو من الطرق الصحيحة، أو من غيرها؟، ولا يمكن معرفة ذلك إلا بتخريج الأثر، إن وجد من يرويه بالسند، ولاشك أن هذا فيه إتعاب للباحث، وتلبيس على القارئ، وهذا مما أخذ على شيخه الثعلبي أيضاً.
¥