تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فعلى الأول فالتعبير حقيقى وهو الراجح [38] وعلى الثانى والثالث فالتعبير مجازى.

ومنه كذلك اختلافهم حول المراد بالضحك والبكاء فى قوله تعالى: (وأنه هو أضحك وأبكى) [39].

فقيل: معناه أنه خلق الضحك المعروف والبكاء المعروف فى ابن آدم. فالتعبير على ذلك حقيقى وهو الراجح.

وقيل: بل المعنى: أضحك الأرض بالنبات، وابكى السماء بالمطر وعليه فالتعبير مجازى.

وأما السبب الثامن:

وهو احتمال الإضمار أو الاستقلال، فمثاله: قوله تعالى: (يخادعون الله والذين آمنوا) [40] فقوله "يخادعون" من الخدع وهو الإخفاء والإبهام، وهو أن يوهم صاحبه خلاف ما يريد به من المكروه، والمخادعة تقتضى المشاركة من الجانبين، والله سبحانه منزه عن ذلك؛ لأنه لا يخدع. وأجيب عن ذلك بأنه من باب الإضمار أى: يخادعون رسول الله.

وقيل: هو من الاستقلال وليس الإضمار، والمعنى: إن صورة صنيعهم - يعنى المنافقين - مع الله تعالى حيث يتظاهرون بالإيمان وهم كافرون، وصورة صنيع الله معهم، حيث أمر بإجراء أحكام المسلمين عليهم وهم فى الدرك الأسفل من النار، وصورة صنيع المؤمنين معهم حيث امتثلوا أمر الله تعالى فيهم، فأجروا ذلك عليهم، تشبه صورة المخادعة.

ففى الكلام إما استعارة تبعية أو تمثيلية فى الجملة، أو بأن المفاعلة ليست على بابها، فإن فاعل قد يأتى بمعنى فعل مثل: عافانى الله، وقتلهم الله. [41].

وأما السبب التاسع:

وهو احتمال الكلمة زائدة، فمثاله: اختلافهم حول كلمة "من" فى قوله تعالى: (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات .... ) [42].

فقيل: هى زائدة فكان يكفى فى التعبير أن يذكر (وراء الحجرات) فقط ليؤدى لنفس المعنى الذى أداه بدخول "من" على "وراء"

وقيل: بل إن الحرف " من " هنا قد أدى فائدة جليلة ما كانت توجد لولاها. وذلك أن لفظ "وراء" مشترك لفظى بين الأمام والخلف، فلما دخلت "من" على "وراء" جعلته أكثر شمولاً واتساعاً فغطى الجهات الأربع الأمام والخلف واليمين والشمال. إذ ليس الحكم الوارد فى الآية المذكورة مفيداً بالنداء خلف الحجرات أو أمامها، بل من أى جهة من الجهات المحيطة بالحجرات.

ونظير هذه الآية كذلك قوله تعالى: (لا يقاتلونكم جميعاً إلا فى قرى محصنة أو من وراء جدر) [43]، ففائدة "من" هنا كفائدتها فى آية الحجرات، ويندرج تحت ذلك أيضاً اختلافهم حول "لا" قبل الفعل "أقسم" هل هى زائدة أم أصيلة. أو "الباء" فى خبر "ما" وفى خبر "ليس". وقد تناولت ذلك كله فى كتابى "إزالة الإلباس عن كلام رب الناس" [44].

وأما السبب العاشر:

وهو احتمال حمل الكلام على الترتيب أو على التقديم والتأخير فمثاله: قوله تعالى: (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة .... ) [45].

قال بعض العلماء: هو مقدم فى التلاوة، مؤخر فى المعنى على قوله تعالى: (وإذ قتلتم نفساً فادارءتم فيها) [46] لأن أمر موسى لقومه بأن يذبحوا بقرة كان فى الترتيب الزمنى بعد قصة القتل المذكورة فى الآية الثانية. ولذا جوز هؤلاء أن تكون قصة البقرة مؤخرة فى النزول عن قصة القتل.

قال الشوكانى: ويجوز أن يكون ترتيب نزولها على حسب تلاوتها، فكأن الله أمرهم بذبح البقرة حتى ذبحوها، ثم وقع ما وقع من أمر القتل فأمروه أن يضربوه ببعضها، ثم علق بقوله: هذا على فرض أن الواو تقتضى الترتيب، وقد تقرر فى علم العربية أنها لمجرد الجمع من دون ترتيب ولا معية. [47].

ومنه أيضاً قوله تعالى: (إنى متوفيك ورافعك إلى) [48] وهو قول الله تعالى لسيدنا عيسى عليه السلام، اختلف فيه على أقوال:

فقيل: هو من المقدم والمؤخر، أى رافعك إلى ومتوفيك وهذا على أساس أن المراد بالتوفى هنا الموت، إذ قرر القرآن ذلك فى آية أخرى (وما قتلوه يقينا*بل رفعه الله إليه) [49].

فنفى القرآن عنه القتل، وأثبت له الرفع، فدل على أنه رفع حياً.

وقيل: ليس المراد بالتوفى هنا قبض الروح وانتهاء الأجل، بل هو استيفاء الحق أى موفيك حقك ورافعك.

وقيل: إن التوفى هنا هو النوم، وفى القرآن الكريم ما يؤيد هذه التسمية، قال تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها) [50].

فعلى الرأى الأول يكون فى الكلام تقديم وتأخير، وعلى الرأيين الآخرين فالكلام على ترتبيه.

وأما السبب الحادى العشر:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير