لما أتم ذو القرنين بناء السد شكر الله و ذكر أن للسد مع متانته أجلاً ينتهي فيه ككل مخلوق، فانتقل إلى التذكير بالوعد الحق و هو قيام الساعة و زوال كل ما على الأرض فقال "و كان وعد ربي حقًا".
{فرددناه إلى أمه كي تقر عينها و لا تحزن و لتعلم أن و عد الله حق و لكن أكثرهم لا يعلمون}
أي و لتعلم أن وعده تعالى برده إليها حق و هو وعده السابق لها في قوله {إنا رادوه إليك و جاعلوه من المرسلين} و التقدير و لكن أكثرهم لا يعلمون أن وعده حق و المراد وعده تعالى بالبعث.
{و الخيل و البغال و الحمير لتركبوها و زينة و يخلق ما لا تعلمون. و على الله قصد السبيل و منها جائر}
و المعنى إلى الله السبيل القاصدة المستقيمة و هي طريق الشرع أما غيرها من طرق الشيطان فجائر محفوف بالمخاطر.
{الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج و ما تفعلوا من خير يعلمه الله و تزودوا فإن خير الزاد التقوى}
انتقل من الاجتماع العالمي الحاشد و التزود له بالمأكل إلى التذكير بالحشر و التزود له بالتقوى.
{يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم و ريشًا و لباس التقوى ذلك خير}
ذكر زينة الظاهر باللباس، ثم لفت النظر لخير ما يتجمل به المؤمن و هو زينة الباطن بالتقوى.
{و الاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليًا كبيرًا}
نقل القارئ من ظنة السيطرة و الاستعلاء لدى الزوج إلى تذكيره بأن عليه رقيبًا أعلى و أكبر.
و لا ننس أن نختم كلامنا بالحديث عن مكانة هؤلاء المستشرقين المعادين للقرآن، يقول عباس العقاد في (الإسلام دعوة عالمية) ص173:
و هناك أوهام كثيرة أشاعها المستشرقون بسبب تفسيراتهم الخاطئة لكثير من أمور اللغة و الدين. و منها ما كتبه بعض المستشرقين تفسيرًا لاسم أبي بكر رضي الله عنه من أنه "أبو العذراء"!!
و منها ما قالوه في تفسير لمعنى "القصيد" من أنه المقصود!!
و منها أيضًا ما تورط فيه ذلك المستشرق من خطأ معيب في تفسيره لقوله تعالى: {و ترى الملائكة حافين من حول العرش}.
بقوله: "أي بدون أحذية"!!
ذلك أنهم على غير علم دقيق باللغة العربية، و ليس هذا غريبًا فهم لا يفهمون أدب أمتهم و لا يجيدون معرفة هذا الأدب في لغتهم. فمن باب أولى ألا يحسنوا فهم الأدب العربي! و قد كانت لهم مكانة أكثر مما يستحقون حتى وقفنا أمامهم و وضعناهم في موضعهم!
انتهى الاقتباس
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.