فإذا كان الله سبحانه وتعالى قدّر أن من الحجارة لما يهبط من خشيته؟ فكيف تأتي أنت وتنفي ما أقرّه عزّ من قائل؟
إذ ما المانع من أن تكون الخشية حقيقة على معنى أن الله خلق فيها قابلية لذلك؟ فهذا غير مستبعد في قدرة الله خالقها.
ولقد أشفقت الجبال، التي هي من الحجارة، في نصّ القرآن الحكيم من حمل الأمانة التي حملها الإنسان "إِنَّا عَرَضْنَا ?لأَمَانَةَ .. الآية". وإذا كانت الجبال أشفقت لمجرّد العرض عليها، فكيف بها لو أُنزل عليها القرآن؟ ألم يقل الله سبحانه وتعالى: "لَوْ أَنزَلْنَا هَـ?ذَا ?لْقُرْآنَ عَلَى? جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ?للَّهِ"؟
وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "إنَّ حَجَراً كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ فِي الجَاهِلِيَّةِ إنِّي لأَعْرفُهُ الآنَ"، ورُوي أنه عليه الصلاة والسلام قال: " قَالَ لِي ثَبِيرٌ: اهْبِطْ؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوكَ عَلَى ظَهْرِي فَيُعَذّبني اللَّهُ فَنَادَاهُ حِرَاءٌ: "إِلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ".
ورُوي أنه حنّ الجِذْع لصعود رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، ولما أتى الوحي رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول المبعث، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله سلمت عليه الحِجَارَةُ فكلها كانت تقول: السَّلام عليك يا رسول الله.
وقصة ارتجاف جبل أحد حينما صعده النبي صلى الله عليه وسلم بصحبة أبي بكر وعمر وعثمان، رضي الله عنهم، معروفة: قال عليه أفضل الصلاة والتسليم: "أثبت أحد فإن عليك نبي وصدّيق وشهيدان". وسواء كان ارتجاف الجبل إشفاقاً أو إجلالاً فدلّ هذا على أنه تعالى وإن لم ينزّل القرآن على جبل، أنه لو أنزله عليه لرأيته، كما قال تعالى: "خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ?للَّهِ"!
ولِمَ لا؟ وهو الذي تسبّح السماوات السبع والأرض من خشيته وإجلاله؟ ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته؟
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[06 - 05 - 2005, 04:47 ص]ـ
أخي لؤي
الحمد لله أن قيد لنا شخصا مثلك يمكن أن نناقشه بهدوء وتفكر
# قلت ((فإذا كان الله سبحانه وتعالى قدّر أن من الحجارة لما يهبط من خشيته؟ فكيف تأتي أنت وتنفي ما أقرّه عزّ من قائل))
ومن نفى ما قدّر وأقرّ الله؟؟ --إ - ا فقط نفسر الخشية تفسيرا صحيحا يتفق مع طبيعة الحجر ومع طبيعة البشر فعند البشر خشية وعند الحجر خشية--والخشية تعني الخضوع والبشر يخشون بعد تفكير والحجر يخشى بدون تفكير
فالفرق بين خشية وخشية هو التفكير--فأنت تخشى بعد فكر فتخضع والحجر يخشى بدون فكر ويخضع لما قدّره الله عليه فلا خلاف
# قلت ((إذ ما المانع من أن تكون الخشية حقيقة على معنى أن الله خلق فيها قابلية لذلك؟ فهذا غير مستبعد في قدرة الله خالقها.))
وأقول أن المانع هو نفس الآية من كونه قد وصف قلوب اليهود بالحجارة من حيث كونها لا تذعن--ففي هذه الدنيا خلق الله الحجارة لا تذعن ولا تنطق ولا تفكر--فهل نأتي نحن وننفي ما هي عليه؟؟ ---أما أنه قادر أن يخلقها بغير هذه الصفة فلا خلاف في ذلك --ويمكن أن يكون قد حصل مع أحجار متعينة
كما ذكرت
أما آية (إِنَّا عَرَضْنَا ?لأَمَانَةَ) فلنا جولة خاصة معها إن شاء الله
ـ[البصري]ــــــــ[06 - 05 - 2005, 03:01 م]ـ
قلت ـ أخي جمال ـ: " فالفرق بين خشية وخشية هو التفكير--فأنت تخشى بعد فكر فتخضع والحجر يخشى بدون فكر ويخضع لما قدّره الله عليه فلا خلاف .... "
وقلت ـ أيضًا ـ:
" ففي هذه الدنيا خلق الله الحجارة لا تذعن ولا تنطق ولا تفكر--فهل نأتي نحن وننفي ما هي عليه؟؟ ---أما أنه قادر أن يخلقها بغير هذه الصفة فلا خلاف في ذلك --ويمكن أن يكون قد حصل مع أحجار متعينة
كما ذكرت "
وهذا رجوع إلى الحق، وهو أن الله قادر على أن يخلق الحجارة بغير صفتها الأصلية، وهذا هو عين ما نقول به، وما دمت مؤمنًا بهذا ـ وهذا ما لم نكن نشك فيه من قبل ـ أفلا تؤمن بأن الله قادر على أن يجعل للحجارة تفكيرًا ـ أيضًا ـ؟؟ ما المانع وهو على كل شيء قدير؟
يا أخي الحبيب، ينبغي لنا أن نستصغر عقولنا عن أن تبلغ غاية قدرة الله القوي العزيز، وإذا قال الله في كتابه إن الحجارة تهبط من خشية الله، فنقول: إنها تهبط من خشية الله، والله على ذلك قادر، وعلينا أن نتوقف عند هذا الحد، ولا نذهب لنكيف هذه الخشية ونفسرها بأنها الجاذبية أو غير ذلك ... وقد تقول: إن هذه دعوة لتعطيل العقل وعدم إعمال الفكر، فأقول: لا، نحن يجب علينا أن نفكر، لكن يجب علينا ـ أيضًا ـ أن نقف عند حدود عقولنا، إذ إن هناك مسائل لا دخل للعقل فيها ولن يفهمها ولن يحيط بها علمًا ولو ظل صاحبه يفكر حياته ... ومن ذلك مثلا ذات الله وصفاته، نحن نؤمن بما جاء في كتاب الله من أسمائه وصفاته ونعقلها، لكن لا نكيفها ولا نشبها ولا نمثلها، ولا نعطلها بإخراجها عما أراد قائلها ـ سبحانه ـ
ومن هذا ما ورد عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس ـ رحمه الله ـ أن رجلا أتاه فسأله: يا إمام " الرحمن على العرش استوى " كيف استوى؟ فأطرق الإمام ساعة وعلته الرحضاء، ثم أجابه قائلا: الاستواء معقول، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة ... وما أراك إلا مبتدعًا، ثم أمر به فأخرج من المسجد.
أسأل الله أن يوفقنا جميعًا لما يرضيه عنا، إنه قريب مجيب.
¥