تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومستقريء الطلوع والاطلاع في القرآن الكريم يجد اطّراد تعدّيه بحرف الاستعلاء (على) سواء كان مذكوراً، كقوله تعالى: " وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ "، أم مقدّراً كقوله تعالى: " أَاطَّلَعَ الْغَيْبَ ". ويُستثنى من هذا الاطّراد موضعان لحكمة بالغة، وهما: قوله تعالى على لسان فرعون: " فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى "، وقوله تعالى ايضاً: " لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى ".

يقول ابو حيان: وأطّلع في معنى أطْلع يُقال طلع الى الجبل واطّلع بمعنى واحد اي صعد، فافتعل فيه بمعنى الفعل المجرّد. ولا يخفى على احد ان في هذا التأويل انحراف عن صيغة اللفظ ودلالته.

والذي نميل اليه ان اللفظ على بابه في الصيغة (افتعل) والدلالة على (العلوّ). ذلك ان فرعون على في الارض على خلق الله تعالى، ثم طمعت نفسه الامّارة في العلوّ فوق اله موسى، فأبى الله - جلّ في علاه - الا ان يركسه في الدنوّ والخذلان. أراد العلوّ فلم يستطعه قولاً ولا فعلاً، وارتدّت اليه همّة نفسه تلجلجاً وتلعثماً، فلم تستقم له العبارة، وأنطق الله لسانه بدنوّ مكانه ومكانته، فكان اطّلاعه من الادنى إلى الأعلى، فخرق المقام قواعد المقال، وتعدّى الفعل بحرف يناسب فرعون دنوّاً واستفالاً، ولله المثل الاعلى، وتبقى كلمة الله هي العليا.

وفيما عدا هذين الموضعين يبقى الفعل متعدّياً بـ (على)، دالاً على العلوّ والاشراف. والتدبّر في آيات القرآن الكريم يهدي الى هذا المعنى، فمثلاً آية سورة الكهف: " وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ "، آثرت لفظ (طلعت) على (بزغت) لان البزوغ اول الطلوع، ولان الطلوع من فوق والبزوغ من افق. ولو ان الشمس كانت تتزاور عن كهفهم من بزوغها، لفسد هواء الكهف واصابهم الاذى بذلك.

ولهذا يكون المعنى ان ضوء الشمس يدخل الكهف من بزوغها الى طلوعها، فيصيبهم خيرها ونفعها بما فيه صلاح اجسامهم قبل ان تشتدّ فتمسّهم بحرّها. وبهذا نرى دقّة اختيار اللفظ القرآني في دلالته على المعنى المراد، ولو عبّرت الآية بالبزوغ بدلاً من الطلوع لاضطرب المعنى واختلّت الدقّة، ولكنه الاعجاز القرآني.

والله تعالى اعلم

ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[04 - 06 - 2005, 10:36 م]ـ

جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل

وألخص الأمر أن إبراهيم عليه السلام كان يرتقب الشمس والقمر

فما أن يبزغان ويراهما في أول ظهورهما من الأفق حتى يبدأ بالتأمل في وضعهما ويقول للقوم هذا ربي

وبناء على هذا فإن الكوكب والنجم لا يقال عنهما بزغ لأن المرء لا يراهما عند بدء ظهورهما في الأفق، بل يراهما فجأة في كبد السماء عند حلول الظلام

أما الشمس في الكهف فهي كما تفضلت

تصيبهم عند بزوغها ليصلهم خيرها، وتتزاور عنهم عندما تقوى وتشتد، فالله تعالى قد دبر أمرهم فأسكنهم مسكنا لا يكثر سقوط الشمس فيه فيحمى، ولا تغيب عنه غيبوبة دائمة فيعفن

وهذا من دقة القرآن الكريم

لمن أحب الاستزادة عن موضوع الترادف عامة فليراجع (الترادف في القرآن الكريم .. بين النظريةِ والتطبيق) لمحمد نور الدين المنجد

ـ[الطائي]ــــــــ[04 - 06 - 2005, 11:33 م]ـ

يا أعضاء الفصيح الأكارم؛ إني داعٍ فأمِّنوا:

اللهم اجز أختنا أنوار الأمل، وأخوينا لؤي الطيبي وجمال الشرباتي، خير الجزاء وأثِبهم أحسن الثواب، وزدهم نوراً على نور، اللهم بارك في علمهم، وفي وقتهم، فما اشتغلوا إلا بعظيم، وافتح اللهم عليهم من أنوار العلم ما يزيدهم خيراً إلى خير.

اللهم آمين ...

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[05 - 06 - 2005, 05:42 م]ـ

أشكرك أيّه الطائي على لطفك الزائد

#لقد دعوت في مشاركة لي لإبن عاشور مستخدما "جازه"

وأنت استخدمت " اجز"

فهل من فارق؟؟

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[06 - 06 - 2005, 05:24 ص]ـ

عندي إستشكال في قول الأخ لؤي

((ولهذا يكون المعنى ان ضوء الشمس يدخل الكهف من بزوغها الى طلوعها، فيصيبهم خيرها ونفعها بما فيه صلاح اجسامهم قبل ان تشتدّ فتمسّهم بحرّها))

إذ قوله تعالى ((" وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ ")) فيه معنى الإنحراف عن الكهف

قال الزمخشري في الكشّاف (("تزاور" أي تمايل، أصله تتزاور فخفف بإدغام التاء في الزاي أو حذفها. . ومنه زاره إذا مال إليه. والزور: الميل عن الصدق "ذات اليمين" جهة اليمين وحقيقتها. الجهة المسماة باليمين "تقرضهم" تقطعهم لا تقربهم من معنى القطيعة والصرم."وهم في فجوة منه" وهم في متسع من الكهف. والمعنى أنهم في ظل نهارهم كله لا تصيبهم الشمس في طلوعها ولا غروبها، مع أنهم في مكان واسع منفتح معرض لإصابة الشمس لولا أن الله يحجبها عنهم.))

والذي يظهر لي أن لا دليل صالحا يدل على إمكانية أن تكون الشمس تدخل كهفهم في أي وقت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير