تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم إنّك قلت "فالشاهد من القصة هو إتيان رجلٍ ما إلى القبر الشريف في زمن الصحابة وهم متوافرون" مستدلاً بهذا على جواز التوسل البدعي، فإنَّ هذا لا حجة فيه، قال الشيخ سليمان بن سحمان النجدي رحمه الله في كتابه: [الصواعق المرسلة الشهابية على الشبه الداحضة الشامية: ص196] رداً على من يحتجّون بهذا الحديث: (وليس فيه دلالة على جواز دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، والتوسل به، والإلتجاء إليه، والاستغاثة به بل هو من جنس المنامات التي لا يعتمد عليها في الأحكام، ولا يثبت بها حكم شرعي) وقال أيضاً في صفحة: 106: (والحكايات والمنامات لا يثبت بها حكم شرعي ولا يسوغ مثل هذا إلاّ في دين النصارى، فإنَّ دينهم مبني على الحكايات والمنامات والأوضاع المخترعات. وأمّا دين الإسلام فهو محفوظ بالإسناد، فلا يثبت حكم شرعي إلاّ بكتاب الله عزّ وجلَّ، وبما صحّ الخبر به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان عليه عمل الصحابة رضي الله عنهم، واشتهر ذلك بنقل الثقات العدول المتفق على عدالتهم).

? وأما قولك: "ولا يضر كونه سيدنا بلال بن الحارث أو غيره" فعلى فرض أنّه صحابي، فإنَّ عبد السلام آل عبد الكريم قال في هذا كما في هامش صفحة 172 من كتاب الصواعق المرسلة: (ثمَّ لو سلّمنا جدلاً صحّة هذه الزيادة فلا حجة فيها لأنّها فعل صحابي خالف الأدلّة، وعارضه فعل الصحابة.

أما مخالفته للأدلة من الكتاب والسُّنّة فظاهر، وأما مخالفته لفعل الصحابة فقد ثبت عن عمر أنّه قال: اللهم إنّا كنا نتوسل إليك بنبيّك فتسقينا، اللهم إنّا نتوسل إليك بعمّ نبيّنا فأسقنا، فيُسقون).

? وأما قولك: "فهذا إقرار من سيدنا عمر ومن الصحابة أجمعين على صحة فعل الرجل ومن يدعي غير ذلك فليثبت إنْ استطاع".؟!!

قال عبد السلام آل عبد الكريم: فإنْ قيل: إنَّ وجه الاحتجاج بالقصة عدم إنكار عمر على ذلك الرجل مجيئه إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

قيل: من أين لكم أنّه أخبر عمر بهذا الاستسقاء؟ فالروايات التي بين أيدينا ليس فيها إلاّ الإخبار بالرؤيا. فمن زعم غير ذلك فعليه الإثبات.

وقد رأيت جواباً لبعضهم يقول فيه: " وأما إخباره عمر فلا نُسلّم أنّه أخبره باستسقائه بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولعلّه أخبره بالرؤيا فقط، أو ببعضها وهو قوله: "قل له عليك بالكيس الكيس" والفعل الماضي في الإثبات بلسان العرب بمنزلة النكرة في الإثبات، فكما لا يعم قولنا: حصل منا إخبار، كذلك لا يعمم قولنا: أخبرنا……) أهـ. [الصواعق المرسلة الشهابية: 172 - 173].

ثم إنَّ نصوص الكتاب والسُّنّة منها المُحكم ومنها المتشابه، يقول سبحانه وتعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات مُحكمات وأُخرُ مُتشابهات فأمّا الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلمُ تأويله إلاّ اللهُ والراسخون في العلم يقولون آمنّا به كل من عند ربنا وما يذّكر إلاّ أولوا الألباب) [آل عمران: 7]. وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أُمنا عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد أنْ تلا هذه الآية: (فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمّى الله، فاحذروهم).

قال الإمام أحمد: (المُحكم الذي ليس فيه اختلاف، والمتشابه الذي يكون في موضع كذا وفي موضع كذا) [المسودة: ص161].

وإليك كلام أهل العلم حيث يردون المتشابه إلى المُحكم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأيضاً ما يُروى أنَّ رجلاً جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فشكى إليه الجدب عام الرمادة فرآه وهو يأمره أنْ يأتي عمر فيأمره أنْ يخرج يستسقي بالناس فإنَّ هذا ليس من هذا الباب ومثل هذا يقع كثيراً لمن هو دون النبي صلى الله عليه وسلم وأعرف من هذا وقائع وكذلك سؤال بعضهم للنبي صلى الله عليه وسلم أو لغيره من أمته حاجة فتُقضى له فإنَّ هذا قد وقع كثيراً وليس مما نحن فيه وعليك أنْ تعلم أنَّ إجابة النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره لهؤلاء السائلين ليس هو مما يدل على استحباب السؤال فإنّه هو القائل صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أحدهم ليسألني المسألة فأعطيه إياها فيخرج يتأبّطها ناراً فقالوا يا رسول الله فلِمَ تعطيهم؟ قال: يأبون إلاّ أنْ يسألوني ويأبى الله لي البخل) رواه بنحوه الإمام أحمد في مسنده (3/ 4 - 16) وابن حبان (840) وصححه وقال

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير