فطريق الجمع أنْ يقال: (إِحْدَاهُنَّ) -وهذا على فرض صحتها، وإلا فهي ضعيفةٌ، لأنَّ في إسنادها الجارود بن يزيد وهو متروكٌ. وانظر:سبل السلام [1/ 53]- مبهمةٌ. و (أُولاَهُنَّ) و (السَّابِعَةَ) معينة. و (أَوْ) إنْ كانتْ في نفس الخبر فهي للتخيير، فمقتضى حمل المطلق على المقيد: أنْ يحمل على أحدهما لأنَّ فيه زيادة على الرواية المعينة… وإنْ كانتْ شكّاً من الراوي، فرواية مَن عيّن ولم يشك أولى من رواية من أبهم أو شك. فيبقى النظر في الترجيح بين رواية (أُولاَهُنَّ) ورواية (السَّابِعَةَ)، ورواية (أُولاَهُنَّ): أرجح مِن حيث الأحفظية والأكثرية ومِن حيث المعنى. لأنَّ في تتريب الأخيرة يقتضي الاحتياج إلى غسله أخرى لتنظيفه. ا. هـ (الفتح [1/ 36]).
وقال ابن حزم: وكل ذلك لا يختلف معناه، لأنَّ الأُولى: هي بلا شك إحدى الغسلات وفي لفظة (الأولى) بيان أيتهن هي فمن جعل التراب في (أُولاَهُنَّ) فقد جعله في (إِحْدَاهُنَّ) بلا شك واستعمل اللفظتين معاً. ومن جعله في غير أولاهن فقد خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنْ يكون ذلك في (أُولاَهُنَّ) وهذا لا يحل. ولا شك ندري أنَّ تعفيره بالتراب في أولاهن تطهيرٌ ثامنٌ إلى السبع غسلات وأنَّ تلك الغسلة سابقة لسائرهن إذا جمعهن، وبهذا تصح الطاعة لجميع ألفاظه عليه السلام في هذا الخبر. ا.هـ (المحلى [1/ 121 - 122]).
14 - من لم يجد إلا ماء مولوغاً فيه، هل يتوضأ به أم يتيمم؟.
قال شيخ الإسلام:
وأما التوضأ بماء الولوغ: فلا يجوز عند جماهير العلماء، بل يعدل عنه إلى التيمم. ا.هـ
(مجموع الفتاوى [21/ 80]). وانظر (فتح الباري [1/ 368]).-قلت: ويَستدل بعضهم بطهارة سؤر السباع بحديث جابر عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: أنه سئل أيُتوضأ بما أفضلت الحُمُر؟ قال: نعم وبما أفضلت السباع.
والحديثُ ضعيفٌ فيه: الحصين والد داود وهو ضعيف. وفيه: الإبراهيمان: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وإبراهيم بن إسماعيل بن حبيبة. وقد ضعّفه البغوي وابن الجوزي والنووي. انظر:شرح السنة [2/ 71] و التحقيق [1/ 67] و المجموع [1/ 226]-.
15 - أدخل كلب رأسه في إناء وأخرجه ولم يُعلم هل ولغ فيه أو لا، فما حكم الماء؟.
قال النووي رحمه الله:
قال صاحب الحاوي وغيره: إنْ كان فمه يابساً، فالماء طاهرٌ بلا خلاف، وإنْ كان رطباً: فوجهان: (أحدهما) يحكم بنجاسة الماء لأنَّ الرطوبة دليلٌ ظاهرٌ في ولوغه، فصار كالحيوان إذا بال في ماءٍ ثم وجده متغيراً، حكم بنجاسته بناءً على هذا السبب المعين.
(وأصحهما) أنَّ الماء باقٍ على طهارته. لأنَّ الطهارةَ يقينٌ والنجاسةَ مشكوكٌ فيها.
ويحتمل كون الرطوبة من لعابه، وليس كمسألة بول الحيوان، لأنَّا هناك تيَقنَّا حصول النجاسة وهو سبب ظاهر في تغير الماء بخلاف هذا. ا. هـ (المجموع [1/ 233]).
16 - لو وقع كلب في ماء -بئر أو غيره- فمات، فما حكم الماء؟
قال ابن المنذر رحمه الله:
أجمع أهل العلم أنَّ الماء القليل أو الكثير إذا وقعت فيه نجاسةٌ فغيّرتْ النجاسةُ الماءَ طعماً أو لوناً أو ريحاً: أنه نجس مادام الماء كذلك ولا يجزئ الوضوء والاغتسال به. ا. هـ (الأوسط [1/ 260]).
فأما إذا لم تُغيِّر النجاسةُ لوناً أو طعماً أو ريحاً فهو طاهر وهو الذي رجّحه ابن المنذر وهو قول: ابن عباس وابن المسيب والحسن البصري وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء وعبد الرحمن بن أبي ليلى وجابر بن زيد ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي-انظر الأوسط [1/ 273 - 276] و التمهيد [1/ 327]-.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله:
أيُّ بئرٍ وقع فيه شيءٌ مما ذكر -أي: كلبٌ أو خنزيرٌ أو جملٌ أو بقرةٌ أو شاةٌ أو غيره- إنْ كان الماء لم يتغير بالنجاسة فهو طاهرٌ، فإنْ كانت عينُ النجاسة باقيةً: نُزحت منه وأُلقيت، وسائر الماء طاهر وشعر الكلب والخنزير إذا بقي في الماء لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء، فإنه طاهرٌ في أحد أقوالهم، وهو إحدى الروايتين عن أحمد. وهذا القول أظهر في الدليل، فإنَّ جميع الشعر والريش والوبر والصوف طاهر، سواء كان على جلد ما يؤكل لحمه أو جلد ما لا يؤكل لحمه. وسواء كان على حيٍّ أو ميِّتٍ.
¥