تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أذكرك وتنساني وأدعوك إلي وتذهب إلى غيري وأذهب عنك البلايا وأنت معتكف على الخطايا ابن آدم ما اعتذارك غدا إذا جئتني. كم دعاك إلى بابه فما أجبت ولا لبيت كم استدعاك إلى جنابه فقعدت وأبيت كم عرضت عليك واجباته فتكاسلت وتوانيت وزجرت عن منهياته فما انزجرت وتماديت كم سمعت دعاء داعي الحق فتصاممت وكم رأيت آياته في الخلوة فتعاميت، فيا من جسده حي وقلبه ميت يا ليتك أجبت منادي الهدى حين ناداك ياليت يانفس ويحك قد أتاك هداك أجيبي فداعي الحق قد ناداك كم قد دعيت إلى الرشاد فتعرضي وأجبت داعي الغي حين دعاك طوبى لمن أجاب داعي الهداة إذا دعاه ياقومنا أجيبوا داعي الله. وقوله صلى الله عليه وسلم: والخير في يديك. إشارة إلى أن الله تعالى إنما يدعو عباده إلى ما هو خير لهم مما يصلح دينهم ودنياهم وآخرتهم فإنه يدعو إلى دار السلام ويدعوهم ليغفر لهم ذنوبهم فإذا سارع العبد إلى إجابة دعوة ربه بتلبيته والإستجابة له قال مع ذلك والخير في يديك إشارة إلى أني أستجيب دعوتك طمعا في نيل الخير الذي كله بيديك وأنت لا تدعو العبد إلا إلى ما هو خير له في دنياه وآخرته. يا هذا لو دعاك مخلوق ترجو خيره لأسرعت إجابته مع أنه لا يملك لك ولا لنفسه ضرا ولا نفعا فكيف لا تسارع إجابة من الخير كله في يديه ولا يدعوك إلا لخير يوصله إليك. وقوله صلى الله عليه وسلم: ومنك وبك وإليك. يحتمل أن مراده الخير منك كله وبك وإليك يعني أن مبدأ الخير منك كما قال تعالى: وما بكم من نعمة فمن الله. وقال: وسخر لكم ما في السموات وما في الارض جميعا منه. فالله تعالى هو المبتدىء بالخير فمنه بدأ ونشأ والخير به يعني أن دوامه واستمراره وثبوته بالله ولو شاء الله لنزعه وسلبه صاحبه وقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا إلا رحمة من ربك إن فضله كان عليك كبيرا. يعني أن دوام هذه النعمة عليك من الله كما أن ابتداءها منه. والخير إليه أنه يرجع بصاحبه إلى الله في الآخرة إلى جواره وقربه في جنات النعيم فينتهي الخير بصاحبه إلى الله عز وجل. ويحتمل أن المراد بقوله ومنك وبك وإليك أن العبد نفسه من الله وبالله وإلى الله كما في الإستفتاح أنا بك وإليك ولعل هذا أظهر فيكون معنى الكلام أن العبد وجوده من الله فإنه كان عدما فأوجده ربه وخلقه وهو في حال وجوده في الدنيا بالله أي أن ثباته وقيامه بالله فلولا أن الله يقيم الوجود وما فيه من أنواع الخلق لهلك ذلك كله وتلف ومن أسمائه الحي القيوم وقال إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا وفي الأثر المعروف في قصة القارورتين يا موسى لو نمت لسقطت السماء على الأرض. وبعد إنتقال العباد من هذه الدار فإن مرجعهم إلى الله كما قال تعالى: إليه مرجعكم جميعا. وقال: ثم إليه ترجعون. في آيات كثيرة، وفي هذا المعنى قال بعض العارفين: حقيقة التوحيد أن يكون العبد قانتا لله عز وجل يرى الأشياء كلها منه وبه وإليه. كما قال عامر بن عبد قيس: ما نظرت إلى شيء إلا ورأيته يدل على الله. قوله صلى الله عليه وسلم: اللهم ما قلت من قول أو نذرت من نذر أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديه ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلابك إنك على كل شيء قدير. ذكر الخطابي في كتاب الدعاء له: أن قوله فمشيئتك روي بضم التاء وفتحها وأن من رواه بالضم فإن المعنى الإعتذار بسابق الأقدار العائقة عن الوفاء بما ألزم العبد نفسه من النذور والأيمان، قال: وفي هذا طرف من الجبر، قال: والصواب رواية من رواه بفتح التاء على إضمار فعل كأنه قال: فإني أقدم مشيئتك في ذلك وأنوي الإستثناء طرحا للحنث عني عند وقوع الحلف، قال: وفيه حجة لمن ذهب مذهب المكيين في جواز الإستثناء منفصلا عن اليمين. قلت: الصواب هذا المعنى على كلا الروايتين أعني رواية الضم ورواية الفتح، وليس المراد برواية الضم الإعتذار بالقدر وإنما المعنى فمشيئتك بين يدي ذلك كله مقدمة فهو مبتدأ حذف خبره، ويشهد لهذا المعنى ما أخرجه أبو داود في سننه بإسناده عن أبي الدرداء أنه كان يقول: من قال حين يصبح: اللهم ما حلفت من حلف أو قلت من قول أو نذرت من نذر فمشيئتك بين يدي ذلك كله ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن اللهم اغفر لي وتجاوز عني اللهم فمن صليت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير