تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عليه فعليه صلاتي ومن لعنت فعليه لعنتي؛ كان في استثناء يومه ذلك. فقد صرح أبو داود بأن المراد بهذا الاستثناء بالمشيئة أنه يكون استثناء في يومه ذلك يعني فيما يحلف وينذره ويقوله في ذلك اليوم، وهذا صريح في أنه يكون استثناء في ما يستقبله من الكلام في يومه ذلك. وأما قول الخطابي: أنه يمنع الحنث كقول من يقول ذلك في الاستثناء المنفصل بعد الكلام كما حكاه عن المكيين فأصل ذلك أنه قد روي عن المكيين كعطاء ومجاهد وعمرو بن دينار وابن جريج وغيرهم أنه ينفع الاستثناء بعد مدة من اليمين، وروي ذلك عن ابن عباس من وجوه وقد طعن فيها كلها غير واحد منهم القاضي إسماعيل المالكي والحافظ أبو موسى المديني وله في ذلك مصنف مفرد. وروي عن ابن عباس في قوله تعالى: واذكر ربك إذا نسيت. قال: هي خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره. خرجه الطبراني من وجه ضعيف. وروي ذلك عن ابن جريج أيضا. وقالت طائفة: إنما أراد هؤلاء أن هذا الاستثناء المنفصل يحصل به إمتثال قوله عز وجل: ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت. وسبب نزولها أن قوما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن قصة قال: غدا أخبركم، ولم يقل إن شاء الله فاحتبس الوحي عنه مدة ثم نزلت هذه الآية. وفي الحديث الصحيح: أن سليمان عليه السلام قال: لأطوفن الليلة على مائة امرأة الحديث. وفي الحديث: أن بني إسرائيل لو لم يقولوا إن شاء الله ما اهتدوا أبدا. يعني إلى البقرة التي أمروا بذبحها. وفي الحديث الذي في المسند والسنن: أن يأجوج ومأجوج يحفرون كل يوم السد حتى يكادوا يروا منه شعاع الشمس ثم ينصرفون ويقولون: غدا نفتحه، فإذا رجعوا من الغد وجدوه كما كان أولا حتى يأذن الله في فتحه فيقولون: غدا نفتحه إن شاء الله، فيرجعون فيجدونه كما تركوه فيفتحونه. قال إبراهيم بن أدهم: قال بعضهم: ما سأل السائلون مسألة هي أنجح من أن يقول العبد ما شاء الله، قال: يعني بذلك التفويض إلى الله. وكان مالك بن أنس كثيرا يقول: ما شاء الله، ما شاء الله، فعاتبه رجل على ذلك فرأى في منامه قائلا يقول: أنت المعاتب لمالك على قوله ما شاء الله، لو شاء مالك أن يثقب الخردل بقوله ما شاء الله فعل. قال حماد بن زيد: جعل رجل لرجل جعلا على أن يعبر نهرا فعبر حتى إذا قرب من الشط قال: عبرت والله، فقال له الرجل: قل إن شاء الله، فقال: شاء الله أو لم يشأ، قال: فأخذته الأرض. فلا ينبغي لأحد أن يخبر بفعل يفعله في المستقبل إلا أن يلحقه بمشيئة الله فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن والعبد لا يشاء إلا أن يشاء الله له فإذا نسي هذه المشيئة ثم تذكرها فقالها عند ذكرها ولو بعد مدة فقد امتثل ما أمر به وزال عنه الإثم وإن كان لا يرفع ذلك عنه الكفارة ولا الحنث في يمينه ولهذا في كلام أبي الدرداء اللهم اغفر لي وتجاوز عني فلم يسأل إلا رفع الإثم دون رفع الكفارة. روي عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: واذكر ربك إذا نسيت. قال: يقول: إذا حلفت فنسيت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت ولو بعد خمسة أشهر أو ستة أشهر فإنه يجزيك ما لم تحنث. خرجه آدم بن أبي إياس في تفسيره. وعلى هذا حمل قول ابن عباس وأصحابه طائفة من العلماء منهم أبو مسعود الأصبهاني الحافظ وابن جرير الطبري، وكذا يقال في هذا الحديث من تقدم الاستثناء فإن تقديمه أبعد من تأخيره عن اليمين فإن اليمين لم توجد بالكلية وفي تأخيره وجدت، وقد قال مالك في الاستثناء في اليمين إن ذكر المشيئة يريد بها الاستثناء نفعه ذلك في منع الحنث وإن كان إنما أراد امتثال قوله تعالى: ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله. ثم حنث فإني أرى الكفارة. نقله ابن المنذر وغيره، وكذلك حكاه أبو عبيد عن بعض العلماء، وتردد بعض العلماء في وجوب الكفارة في هذا القسم لتردد نظره بين اللفظ والمعنى فلفظه معلق بالمشيئة ومعناه الجزم بالفعل غير معلق وإنما ذكر الاستثناء تحقيقا وتأكيدا للفعل. وفي الجملة فينبغي حمل حديث زيد بن ثابت هذا على هذا المعنى وأن تقدم المشيئة على كل قول يقوله وحلف يحلفه ونذر ينذره ليخرج بذلك من عهدة استقلال العبد بفعله وليحقق العبد أنه لا يكون مما يعزم عليه العبد ويقوله من حلف ونذر وغيرهما إلا ما شاء الله وأراده ولهذه قال

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير