تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الحج وهو المجلد السادس والعشرون من مجموع الفتاوى في صـ85ـــ عند حديثه عن الأنساك الثلاثة والمفاضلة بينها: ((وأما قول القائل: أيّما أفضل؟ فالتحقيق في هذه المسألة أنه إذا أفرد الحج بسفرة والعمرة بسفرة فهو أفضل من القران والتمتع الخاص بسفرة واحدة, وقد نص على ذلك أحمد وأبو حنيفة مع مالك والشافعي وغيرهم, وهذا هو الإفراد الذي فعله أبو بكر وعمر وكان عمر يختاره للناس وكذلك علي رضي الله عنهم, وقال عمر وعلي في قوله تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله) قالا: إتمامهما أن تهل بهما من دويرة أهلك, وإذا رجع الحاج إلى دويرة أهله فأنشأ منها العمرة, أو اعتمر قبل أشهر الحج وأقام حتى يحج, أو اعتمر في أشهره ورجع إلى أهله ثم حج فهذا قد أتى بكل واحد من النسكين من دويرة أهله, وهذا أتى بهما على الكمال فهو أفضل من غيره)).

وورد في صـ101ـــ مايلي: ((فصل في الأفضل من ذلك: فالتحقيق في ذلك أنه يتنوع باختلاف حال الحاج, فإن كان يسافر سفرة للعمرة, وللحج سفرة أخرى, أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم بها حتى يحج, فهذا الإفراد له أفضل باتفاق الأئمة الأربعة))

وورد في صـ37ــ مايلي: ((ومذهب الإمام أحمد أيضاً أنه إذا أفرد الحج بسفرة والعمرة بسفرة, فهذا الإفراد أفضل له من التمتع, نص على ذلك في غير موضع وذكره أصحابه كالقاضي أبي يعلى في تعليقه وغيره)).

وقال في صـ45 - 46ــ: ((فالصحابة الذين استحبوا الإفراد كعمر بن الخطاب وغيره إنما استحبوا أن يسافر سفراً آخر للعمرة, ليكون للحج سفر على حدة وللعمرة سفر على حدة, وأحمد وأبو حنيفة وغيرهما اتبعوا الصحابة في ذلك, واستحبوا هذا الإفراد على التمتع والقران, قال أبو بكر الأثرم: قيل لأبي عبدالله - يعني أحمد بن حنبل- فأي العمرة عندك أفضل؟ قال: أفضل العمرة عندي أن تكون في غير أشهر الحج كما قال عمر, فإن ذلك أتم لحجكم وأتم لعمرتكم أن تجعلوها في غير أشهر الحج, قيل لأبي عبدالله: فأنت تأمر بالمتعة - يعني التمتع- وتقول: العمرة في غير أشهر الحج أفضل؟ فقال: إنما سئلت عن أتم العمرة, فقلت: في غير أشهر الحج, وقلت: المتعة تجزيه عن عمرته, فأتم العمرة أن تكون في غير أشهر الحج)).

وقال في صـ48 - 49ـــ: ((وأما من قال من الفقهاء: الإفراد أن يحج ويعتمر عقب ذلك من مكة, فهذا غالط بإجماع العلماء فإنه لا نزاع بينهم في أن من اعتمر قبل أشهر الحج ورجع إلى بلده ثم حج, أو أقام بمكة حتى يحج من عامه أنه مفرد للحج, وكذلك لو اعتمر بعد الحج في سفرة أخرى فإنه مفرد بالاتفاق, وهذا الإفراد هو الذي استحبه الصحابة وهو مستحب أيضا عند أحمد وغيره, فإن الاعتمار في رمضان والإقامة إلى أن يحج أفضل من التمتع, وإن كان الرجوع إلى بلده ثم السفر للحج أفضل منها)).

وفي صـ92ــ: تحدث رحمه الله عن العمرة في رمضان وفضلها وأنها تعادل حجة مع الرسول صلى الله عليه وسلم لأن رمضان هو شهر الصيام وهو قبل أشهر الحج, ثم قال: ((ومن حج من عامه كان أفضل من التمتع)). انتهى النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

وكلامه الأخير الذي نص فيه على أن العمرة في رمضان ثم العودة والسفر للحج مرة أخرى أفضل من التمتع, ينطبق على نسبة 90% من حجاج الداخل تقريباً من السعوديين والمقيمين فأكثرهم قد أدوا العمرة في رمضان أو قبله بشهر أو شهرين أو أكثر خلال العام نفسه.

وقد عرض الشيخ الشنقيطي رحمه الله لهذه المسألة, وهي المفاضلة بين الأنساك الثلاثة في الجزء الخامس من تفسيره (أضواء البيان) في ست وأربعين صفحة, تبدأ من صـ126ــ , وتنتهي بنهاية صـ171ــ , وفصّل فيها أدلة المالكية والشافعية على تفضيل الإفراد, وأدلة الأحناف على تفضيل القران, وأدلة الحنابلة على تفضيل التمتع, ثم ختم ذلك بترجيح ما ظهر له, فقال في صـ171ــ: ((قال مُقيّده عفا الله عنه وغفر له: الأظهر عندي في هذه المسألة هو ما اختاره العلامة أبو العباس بن تيمية رحمه الله في منسكه وهو إفراد الحج بسفر ينشأ له مستقلاً وإنشاء سفر أخر مستقل للعمرة, فقد قال رحمه الله في منسكه إن عمر رضي الله عنه لم ينه عن المتعة ألبتة, وإنما قال: إن أتم لحجكم وعمرتكم أن تفصلوا بينهما. فاختار لهم عمر أفضل الأمور وهو إفراد كل واحد بسفر ينشئه له من بلده, وهذا أفضل من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير