قوله تعالى {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} البقرة (124)
قال الإمام ابن كثير"
" وقد اختلف في تعيين الكلمات التي اختبر الله بها إبراهيم (عليه السلام) فروي عن ابن عباس في ذلك روايات , فروي عنه: ابتلاه الله بالمناسك , ابتلاه الله بالطهارة , خمس في الرأس وخمس في الجسد , قص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك وفرق الرأس وفي الجسد تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء "
قلت: الحديث قد رواه الطبري في تفسيره (1910) والحاكم في مستدركه (2/ 266) وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي (رحمهما الله)
وقال رحمه الله (أي ابن كثير):
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أنه كان يقول في هذه الآية: قال: عشر , ست في الإنسان , حلق العانة ونتف –
الإبط والختان ,,,,,,,,)
انظر مختصر ابن كثير تحقيق العلامة أحمد شاكر (1/ 154و155)
فانظر أخي الكريم كلام السلف الصالح يقول ابن عباس أن الختان مما قد ابتلى الله به آدم (عليه السلام) أي أمره بها مختبرا له بها - أي يطيع أم يعصي - فأتمهن - أي فعل ما أمره الله به - فهلا أطعناه ... ؟
وقال النووي في المجموع (1/ 298):
(فإن قيل لا دلالة في الآية على وجوب الختان لأنا أمرنا بالتدين بدينه فما فعله معتقدا وجوبه فعلناه معتقدين وجوبه وما فعله ندبا فعلناه ندبا ولم يعلم أنه كان يعتقده واجبا: فالجواب أن الآية صريحة في اتباعه فيما فعله وهذا يقتضي إيجاب كل فعل فعله إلا ما قام دليل على أنه سنة في حقنا كالسواك ونحوه
ومن ذلك أيضا قوله تعالى:
{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} الروم (30)
قلت وقد عرف العلماء معنى الفطرة بشيء واضح ومن ذلك:
ما يقول شارح سنن ابن ماجة تحت حديث الفطرة خمس:
" وهي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي فطروا عليه "
وانظر حاشية السندي (1/ 19) ونيل الأوطار (1/ 19) وعمدة القاري للعيني (22/ 45)
قال صاحب الفواكه الدواني على رسالة أبي زيد القيرواني (8/ 182):
(بَابٌ فِي) تَفْسِيرِ (الْفِطْرَةِ) مِنْ قَوْله تَعَالَى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} فَإِنَّ الشُّيُوخَ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهَا، فَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا بِالسُّنَّةِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا لِأَنْبِيَائِهِ وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهَا الشَّرَائِعُ حَتَّى صَارَتْ كَأَنَّهَا أَمْرٌ جِبِلِّيٌّ فُطِرُوا عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا بِالْخِصَالِ الَّتِي يَتَكَمَّلُ بِهَا الْإِنْسَانُ بِحَيْثُ يَصِيرُ بِهَا عَلَى أَشْرَفِ الْأَوْصَافِ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَهَا بِالدِّينِ وَرُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ}.)
قلت: ومن الفطرة التي فطر الله الناس عليها: الختان , وأما من فسرها بالإسلام فهو يشمل ما نقول وزيادة وليس في ذلك ثمة مناقضة والحمد لله والذي يدل على ذلك ما جاء في الحديث الذي أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال " الفطرة خمس - وفي رواية مسلم عشر من الفطرة - الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الأباط "
البخاري (5891) , مسلم (257)
وقد بينا معنى الفطرة وهي:
لها مقصود ها هنا وهي الخصال التي إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها وحشرهم عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرف صورة) صحيح فقه السنة (1/ 97)
¥