حيث إنه وجد حمل ولد لستة أشهر فمما ذكرته كتب التاريخ أن الحسين بن على رضي الله عنهما والخليفة الأموي عبد الملك بن مروان وجرير الشاعر المشهور ولدوا لستة أشهر (7).
قال الشوكاني: " لم يسمع في المنقول عن أهل التواريخ والسير أنه عاش مولود لدون ستة أشهر، وهكذا في عصرنا لم يسمع بشيء من هذا بل الغالب أن المولود لستة أشهر لا يعيش إلا نادراً، لكن وجود هذا النادر يدل على أن الستة الأشهر أقل مدة الحمل وقد كان من جملة من ولد لستة أشهر من المشهورين عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي " (8).
موقف الطب
قال ابن القيم: " إن الأدلة على أن أقل مدة للحمل هي ستة أشهر، تظاهرت عليها الشريعة والطبيعة، فالشريعة من خلال الآيتين السابقتين، وأما الطبيعة فقد نقل أقوال الأطباء أصحاب الاختصاص الذين أثبتوا أن أقل حمل كان في مائة وأربع وثمانين ليلة ".
وقد أكد الطب الحديث ما ذهب إليه الفقهاء من أن أقل مدة الحمل ستة أشهر إلا أن المولود لها نادراً ما يعيش في الأحوال العادية. ومع تقدم مجالات الطب أصبح بالإمكان إيجاد فرصة أكبر لمثل هؤلاء المواليد في الحياة بعد وضعه في حضانة طبية مناسبة وقد قرر الأطباء إذا ما ولد الطفل ما بين (24 – 36 أسبوعاً) يسمى الطفل خديجاً ( Pematue) ويكون في الغالب قابلاً للحياة، ولكنه يحتاج لعناية طبية خاصة، يقول الطبيب أحمد كنعان: " ويتفق أهل الطب والفقهاء حول أقل مدة الحمل، إذ تؤكد الشواهد الطبية أن الجنين الذي يولد قبل تمام الشهر السادس لا يكون قابلا للحياة، وإلى هذا يذهب أهل القانون أيضاً " (9).
ويقول الطبيب عبد الله باسلامة " فقد غير الأطباء رأيهم الآن وأصبحت أقل مدة الحمل هي ستة أشهر بعد أن كانت سبعة، والواقع أنه إلى الآن لا تزال مذكورة في دائرة المعارف البريطانية أن اقل الحمل الذي يمكن أن يعيش هو 28 أسبوعا أو 169 يوما، ولا أعتقد أنه سوف يجئ يوم من الأيام ويكون في مقدور جنين أن يعيش خارج الرحم ويواصل الحياة إن هو نزل قبل هذه المدة (ستة شهور) " (10).
ويظهر لي أن النصوص تدل على أن أقل الحمل ستة أشهر في الأحوال العادية، أما إذا سقط قبل الشهر السادس ووضع في حاضنة طبية أو (رحم صناعي كما يؤمل العلماء إيجاده مستقبلا) ليتابع رعايته إلى ما بعد الشهر السادس فليس هناك ما يتعارض مع نصوص القرآن فليتأمل.
ومن المسائل التي تبنى على ما سبق فيما لو أتت المرأة بولد بعد نكاحها بخمسة أشهر مثلا، فإن النسب لا يلحق الزوج ويكون الحمل من سفاح.
حمل عيسى عليه السلام
من عقيدة المسلم الإيمان بأن عيسى خلق بغير أب وأنه منسوب إلى أمه مريم العذراء وأنه بشر ونبي من أنبياء الله وكان خلقه آية عظيمة تدل على كمال قدرة الله.
ومن لطائف المعارف التي ذكرتها كتب التفسير مدة حمل عيسى عليه السلام فقد قال ابن عباس –رضي الله عنهما-: " ما هو إلا أن حملت فوضعت في الحال "
وذهب بعض المفسرين إلى أنه ولد لستة أشهر وقيل ثمانية أشهر وقيل تسعة أشهر (11).
وقد رجح القرطبي قول ابن عباس وهو الأظهر لأن الله ذكر الانتباذ عقب الحمل "فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً * فأجاءها المخاض ... " (12). والفاء تدل على التعقيب والله أعلم.
المبحث الثاني: أكثر مدة الحمل
قبل بيان أقوال العلماء في أكثر الحمل يجدر بي أن أنقل رأي الطب في كيفية حدوث الحمل.
بعد أن يتصل الرجل بالمرأة وينزل منه المني فإنه يسير في المهبل ويرسب في قعره بالقرب من فوهة عنق الرحم، التي تفرز رائحة تجذبه إليها فيدور حولها ويكون عدد الخلايا المنوية لا يقل عن 20 مليون في المليلتر من السائل المنوي في الرجل الطبيعي.
ثم يمر تباعاً في الفوهة العنقية، ويبلغ طول المدخل العنقي من الفوهة حتى مقر البييضة 15سم وتساوي هذه المسافة بالنسبة للمني سير 8كم عند الرجل ويعتبر هذا الطريق كثير المنعطفات بسبب الأقنية الغددية وثنايا الأغشية المعترضة في الطريق
فتندفع الخلايا المنوية وتساعدها أذنابها للسير وتضطر لقضاء نصف ساعة في اجتياز كل سنتمتر (13).
وتحتاج الخلايا المنوية 4 - 6 ساعات أحياناً لقطع المسافة وتصل إلى البوق حيث تكون البييضة مهيأة وفي الانتظار.
¥