وفي ثبوته عن سعيد بن المسيب قد شكك فيه بعض أهل العلم كالحافظ ابن كثير رحمه الله.15في تفسيره 16
ولو سلمنا بعدم ثبوت الإجماع يكفي أن هناك نص عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عائشة المتقدم وفسر في هذا الحديث كما جاء في المسند. عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ (الْعُسَيْلَةُ هِيَ الْجِمَاعُ).
أدلة القول الثاني:
قالوا لزمنا أن نشترط الإنزال مع مغيب الحشفة في الإحلال , لأنه آخر ذوق العسيلة.
ويناقش هذا القول:
بأن هذا القول لادليل عليه بل الذي دل عليه الدليل بأن يذوق كل أحد منهم عسيلة الآخر وقد فسرالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - العسيلة بقوله (العسيلة هي الجماع). ولم يأتي دليل يدل على أنه لابد من الإنزال. وكذلك إنما شرط ذوق العسيلة , وذلك يكون بالتقاء الختانين. هذا لباب كلام علمائنا.17
أدلة القول الثالث:
1_ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} قال ابن جني: سألت أبا علي عن قولهم نكح المرأة، فقال فرّقت العرب بالاستعمال، فإذا قالوا: نكح فلانٌ فلانةً أرادوا أنه عقد عليها، وإذا قالوا: نكح زوجته أرادوا به المجامعة، وهنا قال تعالى: {حتى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} فالمراد منه المجامعة.18
2_ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ إِلَى النَّبِىِّ - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - فَقَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِى فَبَتَّ طَلاَقِى فَتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ وَإِنَّ مَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - فَقَالَ «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِى إِلَى رِفَاعَةَ لاَ حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» 19.
3_ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ (الْعُسَيْلَةُ هِيَ الْجِمَاعُ).20
4_ إجماع الأمة جميعاً على أن ذلك معناه وبعد فإن الله تعالى ذكره فقال تَعَالَى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} 21.
الترجيح:
بعد ذكر الأقوال ومناقشتها , تبين أن القول الراجح هو القول الثالث وهو القول بأن التحليل يكون بالجماع وهو التقاء الختانين الذي يوجب الحد والغسل ويفسد الصوم والحج ويحصن الزوجين. وبهذا قال جمهور أهل العلم.من الحنفية 22والمالكية 23والشافعية 24والحنابلة25.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
1 - سورة البقرة آية 230
2 - الجامع لأحكام القرآن (3/ 147) , هو الإمام المفسر أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح (بإسكان الراء وبالحاء المهملة)، الانصاري الخزرجي الاندلسي القرطبي المفسر، كام من عباد الله الصالحين، والعلماء العارفين، الورعين الزاهدين في الدنيا، المشغولين بما يعنيهم من أمور الاخرة. وكان مستقرا بمنية ابن خصيب، وتوفي ودفن بها في ليلة الاثنين التاسع من شوال سنة 671، رحمه الله ورضي عنه.
3 - هوالشيخ الامام العالم العامل شيخ الاسلام وقدوة الانام بقية السلف الكرام (شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن الشيخ الامام العالم العامل الزاهد أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي) المتوفى سنة 682 هـ له كتاب الشرح الكبير (23/ 120).
4 - أبو محمد، سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المدني ,ولد في المدينة المنورة، لسنتين مضتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أي في سنة (15هـ) ,والمسيَّب بفتح الياء المشددة المثناة من تحتها، وروي عنه أنه كان يقول: بكسر الياء، ويقول: سيب الله من يسيب أبي. أبوه وجده رضي الله عنهما صحابيان، وسمع منهم، وأكثر روايته عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.أخذ سعيد بن المسيب علمه عن زيد بن ثابت، وجالس سعد بن أبي وقاص، وابن عباس، وابن عمر، ودخل على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، عائشة وأم سلمة رضي الله عنهن، وأخذ عنهن وكان رأس فقهاء المدينة في زمانه، والمقدم عليهم في الفتوى، حتى اشتهر بفقيه الفقهاء. توفي
¥